أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة الموقف جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين رياضة اخبار خفيفة ثقافة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

النجار يكتب: إلى متى.. خطاب الملك في الجمعية العامة


إياد عبد الفتاح النجار
الأمين العام لحزب القدوة الأردني

النجار يكتب: إلى متى.. خطاب الملك في الجمعية العامة

إياد عبد الفتاح النجار
إياد عبد الفتاح النجار
الأمين العام لحزب القدوة الأردني
مدار الساعة ـ
النجار يكتب: إلى متى..  خطاب الملك

خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة جاء ليؤكد مرة أخرى الدور المحوري للأردن في الدفاع عن القضايا العادلة وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وليعكس شجاعة وصراحة طالما ميّزت مواقف جلالته على الساحة الدولية. الخطاب حمل في طياته رسائل إنسانية وسياسية واضحة، جمعت بين العاطفة الصادقة والطرح القانوني الرصين، مما جعله يحظى باهتمام واسع وصدى عميق.

جلالة الملك لم يكتفِ بالتلميح أو المجاملة الدبلوماسية، بل تحدث بلغة صريحة ومباشرة، رافضًا ما وصفه بمشروع "إسرائيل الكبرى" ومنددًا بالانتهاكات المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني، ومؤكدًا أن ما يحدث في غزة والضفة ليس نزاعًا عابرًا بل جريمة إنسانية تتحدى الضمير العالمي. لقد نجح جلالته في أن يجعل القضية الفلسطينية في صلب النقاش الدولي، مذكرًا العالم بأن الصمت عن هذه الانتهاكات يعني المشاركة فيها، وأن تجاهل القانون الدولي سيؤدي إلى تقويض السلم والأمن الدوليين.

خطاب الملك أبرز التزام الأردن الثابت تجاه القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية، وذكّر المجتمع الدولي بالوصاية الهاشمية التي تمثل مسؤولية تاريخية وأمانة دينية.

إن بلاغة جلالة الملك في صياغة الخطاب تجلّت في قدرته على المزج بين مخاطبة الضمير الإنساني باستحضار معاناة الأطفال والنساء والبيوت المهدمة، وبين مخاطبة المجتمع الدولي بلغة القانون والشرعية الدولية. وقد استخدم جلالته أسلوبًا يجمع بين القوة والاتزان، فكان الصوت العاقل والغاضب في آن واحد، ما منح الخطاب قوة تأثير على المستويين الشعبي والدبلوماسي.

خطاب الملك في الجمعية العامة لم يكن مجرد موقف سياسي، بل كان شهادة تاريخية على ثبات الأردن في الدفاع عن الحق، وجرس إنذار للمجتمع الدولي حيال المخاطر التي تهدد المنطقة إذا استمرت سياسات الاحتلال والتوسع. لقد نجح جلالة الملك في أن يُظهر أن الأردن، رغم محدودية موارده، يقف في الصفوف الأمامية دفاعًا عن العدالة والكرامة الإنسانية.

إلى متى يبقى المجتمع الدولي صامتًا أمام هذه الانتهاكات، وإلى متى تُترك معاناة الفلسطينيين رهينة ازدواجية المعايير الدولية؟ إن صوت جلالة الملك كان نداءً صادقًا للعالم كي يتحمل مسؤوليته، ويضع حدًا لواحدة من أطول وأقسى المظالم في التاريخ الحديث.

يمكن القول إن هذا الخطاب سيبقى علامة فارقة في المنابر الأممية، لأنه لم يقتصر على تشخيص الأزمة، بل قدّم رؤية واضحة للحل، تقوم على الالتزام بحل الدولتين واحترام القانون الدولي، وعلى ضرورة أن يتحمل العالم مسؤوليته في إنهاء الاحتلال ومعاناة الشعب الفلسطيني. بهذا يكون جلالة الملك قد رفع صوت الأردن عاليًا، مثبتًا أن الحق لا يموت، وأن كلمة الحق في المحافل الدولية لا بد أن تجد من يصونها ويدافع عنها بشجاعة.

مدار الساعة ـ