أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات دين بنوك وشركات خليجيات مغاربيات ثقافة رياضة اخبار خفيفة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

العمرو يكتب: لماذا لا يستحق ترامب جائزة نوبل للسلام..


نضال الثبيتات العمرو

العمرو يكتب: لماذا لا يستحق ترامب جائزة نوبل للسلام..

مدار الساعة ـ

يعتبر عالم السياسة الدولية، جائزة نوبل للسلام بمثابة المنارة الأخلاقية التي تكافئ الساعين إلى عالم أكثر أمناً وأُخوّة؛ فهي تُمنح، وفقاً لوصيّة ألفريد نوبل، لمن يبذلون جهوداً استثنائية لتعزيز الأُخوّة بين الأمم، أو يعملون على تقليص الجيوش القائمة، أو يُنظّمون مؤتمرات السلام، وعندما يُطرح اسم شخصية سياسية مثيرة للانقسام مثل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لنيل هذه الجائزة، يصبح من الضروري التوقف ومراجعة سجله بموضوعية، بعيداً عن الضجيج الإعلامي والتصريحات الرنّانة التي يُطلقها هو وأنصاره.

إن أول معايير الجائزة وأكثرها جوهرية هو السعي لتحقيق السلام بين الأمم، وهو ما يبدو أن سياسات ترامب تناقضه بشكل صارخ، خاصة في تعامله مع القضية الفلسطينية؛ فبدلاً من أن يلعب دور الوسيط النزيه، كانت مواقفه وقراراته بمثابة ضوء أخضر لحكومة نتنياهو اليمينية الصهيونية المتطرّفة لتصعيد عمليّاتها العسكرية في غزة، والتي وصفتها جهات دولية عِدّة بأنها إبادة الجماعية؛ فالدّعم غير المشروط والتغاضي عن الممارسات الإرهابية الصهيونية لا يصنعان السلام، بل يُغذّيان الصراع ويَمُدان في عمره، مما يضع ترامب في خانة المؤججين للنّزاعات لا السّاعين لإنهائها.

علاوة على ذلك، فإن أحد أهم أركان عملية السلام في الشرق الأوسط، وهو حل الدولتين، لم يجد لدى ترامب سوى الرفض والمعارضة؛ ففي الوقت الذي اتّجه فيه العالم، بما في ذلك حلفاء واشنطن المقربون في الاتحاد الأوروبي، نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية كحق أصيل وضرورة لتحقيق الاستقرار، يصف ترامب هذه الخطوات بأنها "مجرد كلام" ومكافأة لحماس؛ فهذا الموقف لا يعرقل فقط الجهود الدولية الرامية إلى إيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، بل يكشف عن غياب أي رؤية حقيقية لتحقيق السلام بين الشعوب، وهو ما يتعارض كلياً مع روح جائزة نوبل.

أما فيما يتعلق بالمعيار الثاني للجائزة، وهو تخفيض الجيوش والحد من التسلح، فإن سجل ترامب يتحدث عن نفسه؛ فبدلاً من العمل على نزع فتيل التوترات، شهدت إدارته صفقات تسليح ضخمة، ليس آخرها الموافقة على بيع أسلحة متطورة لإسرائيل بمليارات الدولارات، مما يضاعف من قدراتها الهجومية على إبادة شعب اعزل هم أصحاب الأرض الاقحاح؛ كما أن سياساته تجاه صراعات أخرى، مثل الحرب في أوكرانيا، اتسمت بالتردد والتناقض، فبينما يتحدث عن وقف الحرب، يوافق على إرسال المزيد من الأسلحة التي يصفها البعض بأنها تُطيل أمد الصراع؛ وبالتالي فإن تشجيع سباقات التَّسلُح، سواء في الشرق الأوسط أو في آسيا، هو النقيض التام لما تهدف إليه جائزة نوبل للسلام.

إن جائزة نوبل للسلام ليست مُجرد تكريم سياسي أو أداة لتحقيق طموحات شخصية، بل هي تقدير عالمي لمن يُكرّسون حياتهم ومناصبهم لخدمة الإنسانية وبناء الجسور بدلاً من الجدران؛ وعندما نقيس أفعال وقرارات دونالد ترامب بمقاييس ألفريد نوبل الصارمة، نجد فجوة هائلة بين ما هو مطلوب وما تم إنجازه بالفعل؛ فالسياسات التي تُعمّق الانقسام، وتدعم العنف، وتعارض الحلول السلميّة، وتُشجّع على التّسلُّح، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون طريقاً نحو أوسلو.

مدار الساعة ـ