أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات دين بنوك وشركات خليجيات مغاربيات ثقافة رياضة اخبار خفيفة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

الكايد يكتب: قراءة في دستورية قوانين النقابات المهنية


المحامي علاء مصلح الكايد

الكايد يكتب: قراءة في دستورية قوانين النقابات المهنية

مدار الساعة ـ

نشأت النقابات المهنية بموجب قوانين خاصة لكل منها، لكن وبعد التعديلات الدستورية في العام 2011 والتي أضافت النقابات إلى الفقرة الثانية من المادة ١٦ من الدستور، أصبحت النقابات تشترك مع الأحزاب والجمعيات بذات الأحكام الدستورية والقانونية.

لكن في الواقع، لم يُصوَّب الوضع القانوني للنقابات المهنية، وبقيت قوانينها خارج إطار التعديل الدستوري، ذلك لكون المادة 16 قد ساوت بين النقابات والأحزاب والجمعيات في أحكام عدة وهي أن تكون:

١- مشروعة الغايات.

٢- سلمية الوسائل.

٣- ذات نظم لا تخالف أحكام الدستور.

٤- يحدد القانون طريقة تأليفها.

ومحلّ هذه المقالة هو ما ورد في الحُكمين الأخيرين.

إذ يتضح مما سلف ذكره بأن الأساس التشريعي المنشئ للنقابات بعد التعديل الدستوري أصبح قانونٌ عام، كقانون الأحزاب السياسية وقانون الجمعيات، ومن ثم تتألف بموجب ذلك القانون نقابات ذات (نظم) لا قوانين كما هو الحال الآن، أسوة بالأحزاب والجمعيات، تبعا لقاعدة "المشرّع لا يلغو".

ان هذه الشبهة بمخالفة الدستور تواجه النقابات المهنية فقط، أما المركز القانوني للنقابات العمالية فموافق للدستور، حيث صدر في العام ١٩٥٣ قانون نقابات العمال رقم ٣٥ الذي أسست بموجبه نقابات العمال ضمن أنظمة لا قوانين وذلك تماشيا مع المادة ٢٣ من الدستور التي أقرت بحق العامل بتنظيم نقابي حرّ ضمن حدود القانون، ثم وبعد إلغاء القانون انتقلت أحكام تأليف النقابات العمالية إلى قانون العمل الذي تناول أحكام تأليفها وإتباع مرجعيتها لسجلّ رسميّ ضمن أنظمة خاصة بها لا قوانين خاصة، تماما كما هو حال الأحزاب السياسية التي كانت وما زالت تؤسّس بموجب القانون،وكانت أنظمتها تصادق من قبل لجنة شؤون الأحزاب التابعة آنذاك لوزارة الداخلية ثم وزارة الشؤون السياسيةوالبرلمانية، وأخيرا السجلّ الخاص بالأحزاب في الهيئة المستقلة للانتخاب، وكذلك الأمر بالنسبة للجمعيات التي مرجعيتها سجل الجمعيات.

وبقيت النقابات المهنية خارج إطار الشكلية المنصوص عليها في الدستور، ولم تُصوَّب الأوضاع التشريعية الخاصة بها حتى الآن، وهذا وفق ظنّي يخالف قاعدتين معتبرتين عند النظر إلى النصوص الدستورية وهنّ: "لا اجتهاد في مورد النص" و"مبدأ الوحدة العضوية لنصوص الدستور".

اليوم؛ وفي سبيل مطابقة المركز القانوني للنقابات كافة مع النص الدستوري، يكون من الواجب أولًا الطلب من المحكمة الدستورية تفسير المادة 16 لتبتّ بالقوانين النافذة للنقابات المهنية بعد العام 2011، ما إذا كانت موافقة للنص الدستوري أم مخالفة لأحكامه؟

ومن ثمّ - في حال قرّرت المحكمة ذلك – يتوجب على الحكومة أن تعدّ مشروع قانون موحّد للنقابات المهنية عامّة يحدد طريقة تأليفها واستحداث المرجعية القانونية والإدارية لها ضمن إطار سجلّ رسميّ تماما كالأحزاب والجمعيات ونقابات العمال وأصحاب العمل، مع منحها جميعا حكما قانونيا انتقاليا يضمن الديمومة لعملها إلى حين انتهاء مهلة توفيق الأوضاع لدى دخول القانون الجديد حيز النفاذ بعد مروره بالمسار الدستوري، وهي محصّنة حُكما إلى حين إلغاءها وفقاً لنص الفقرة الثانية من المادة ١٢٨ من الدستور التي قضت بأن جميع القوانين والانظمة وسائر الاعمال التشريعية المعمول بها في المملكة عند نفاذ الدستور تبقى نافذة إلى أن تلغى أو تعدل بتشريع يصدر بمقتضاه، وهي كذلك من المواد المضافة إلى الدستور في ذات العام 2011.

لا شك بأن هذه المسألة تستدعي ورشة تشريعية بالشراكة مع النقابات المهنية لمراعاة الطبيعة الخاصة لكل منها في القانون الجديد، وقد ينوب عنها مجلس النقباء لغايات الحوار والتدارس مع الحكومة ومجلس الأمة حينئذ، ومن الممكن أن يكون مجلس النقباء هو المرجعية الرسمية لدى السجل في القانون العام المستحدث لاحقا، تماما كما هو المركز القانوني للاتحاد العام لنقابات العمال في قانون العمل.

ولا خشية على حقوق وممتلكات النقابات حيث أن القانون هو ما يمنحها الشخصية الاعتبارية اللازمة لتملك الأموال المنقولة وغير المنقولة ومباشرة الإجراءات القانونية الداخلة ضمن اختصاص مجالسها، وأمثلة ذلك ما ورد في المواد١٣ من قانون الأحزاب السياسية و١٢ من قانون الجمعيات، و١٠٣ من قانون العمل بالنسبة لنقابات العمال وأصحاب العمل، والتي سارت جميعها على هدي المادة ٥٠ من القانون المدني الأردني التي أعطت الشخصية الحكمية أو الاعتبارية للمنشآت التي يمنحها إياها القانون.

نحن أمام نصّ في الدستور الذي أقسمت سلطات الدولة بالحفاظ عليه، ولا يُبرَّر - في حال ثبوت الفتوى من المرجعية القضائية المختصة بذلك – الاعتداد عندها باستقرار المركز القانوني للنقابات في حال ثبوت مخالفة الواقع للنص منذ ١٤ عام، لا سيما وأن التفاوت في تماهي النقابات - المهنية والعمالية - مع النص الدستوري واضح عمليّا كما تقدم.

مدار الساعة ـ