في الدولة، تتوزع المواقع وتتعدد المناصب، لكن القاسم المشترك بين الرجال الكبار ليس الكرسي الذي يجلسون عليه، بل القيمة الأخلاقية التي يتركونها حيثما حلّوا.
وعندما نقرأ سيرة يوسف العيسوي، وأحمد الصفدي، وفيصل الفايز، وسمير الرفاعي، ندرك أن الأردن ما يزال يملك رجالًا يجمعون بين التجربة والإنسانية، بين الصرامة والحكمة، بين الإرادة والرؤيةيوسف العيسوي جعل من الديوان الملكي مؤسسة مفتوحة على الناس. لم يتقوقع خلف الأسوار، بل حمل هموم المواطن البسيط في جولاته اليومية. أرسى مدرسة قوامها التواضع، والإنصات، والإيمان بأن المنصب لخدمة الناس لا للتعالي عليهم.أحمد الصفدي، القادم من بيت التشريع، يوازن بين دور الرئيس وحاجة المواطن إلى صوت صادق. خبر البرلمان ودهاليزه، لكنه لم ينسَ أن تحت القبة هناك من ينتظر كلمةً ترفع عن كاهله ثقل الحياة. فمارس السياسة بقدرٍ من الهدوء والتواضع جعله قريبًا من القاعدة الشعبية.فيصل الفايز، ابن التجربة الطويلة، جمع في مسيرته بين الوزارة ورئاسة الحكومة ومجلس الأعيان. اتكأ على هدوء لا يخلو من الحزم، وعلى لغة سياسية تؤمن بالحوار والاتزان. هو شاهد على تحولات الدولة، وحارس على بقاء التوازن في لحظات الاضطراب.سمير الرفاعي، برؤيته الإصلاحية وخبرته الحكومية، حمل شعلةً سبقه إليها والده زيد الرفاعي. الأب الذي عاش رجل دولة حتى آخر لحظة، حمل أسرار الحكم بأمانة ولم يبح بها يومًا، فمات وهو رجل الدولة المخلص. تلك التجربة أورثت الابن إيمانًا بأن السياسة ليست مكاسب عابرة، بل مسؤولية تاريخية تجاه الوطن والناس.تجتمع هذه النماذج الأربع على أن المنصب وسيلة لا غاية. العيسوي بحضوره الميداني، الصفدي بتواضعه النيابي، الفايز بحكمته، والرفاعي بإرثه ورؤيته… كلهم يثبتون أن الأخلاق هي التي تمنح الموقع هيبته، وأن الدولة القوية تُبنى برجالٍ يعرفون أن التاريخ لا يرحم المتعجرفين، لكنه يخلّد من صان الأمانة وأخلص في خدمتها.
ابو رمان يكتب: ما بين العيسوي والصفدي والفايز والرفاعي… مناصب تتباين وأخلاق تلتقي
مدار الساعة ـ