تلفتني شخصية العقرب، حيث إنه لا أحد منا يستطيع عليها أن يقرب، تظن مجرد ظن أنها ستقتل وشرياننا من سمها يشرب، تنكمش حينا كالوردة لتصبح قريبة إلينا، وعندما تصلنا كوحش صغير تنقض علينا، كائن حي لا يصل وزنه غرامات تنهي دربا، وتشن على امرئ لا تعلمه حربا، لا شك أن لها ربا، يزيل عنها كربا، ولكن في نيتها دائما رغبة في الضرب، العقرب ليست حشرة عادية، أو كائن يعيش حياته بكل ودية، هي تقضي على اللطيف معها قبل من لم يكن في قلبه لها ذرة ودية، وقد تتشكل على هيئة إنسان، انتابه خوف ولم يعد يشعر بالأمان، التفت حوله مجموعة أفاع أفقدته الاطمئنان، إنسان لم يعد يصان لدرجة أن الجميع عليه قد هان، لم ير في طريقه الفي الذي كان، ما العقرب تفعل ذلك لولا أنها تعرضت للخيانة، أو منع أحدهم عنها ماء فجعلها ظمآنة، العقرب لولا سمها لم تكن يوما سلطانة، هي تخاف من الجميع، وتختفي وقت الربيع، لديها رد فظيع عندما تشعر بعجز منيع، العقرب أسد وقت الشدة، وعندما تلدغ تفكر مرات عدة، ولتفكيرها القليل من المدة، لتجعلنا من سائلها نحتسي، وفي الضريح نصبح ونصيح وفيه نمسي، العقرب قد تكون امرأة مخونة، أو ابنة محرومة، وقد تكون زوجة مشؤومة، أو قلوبا محروقة، وقد تكون كلمة ألقيت من خبيث، أو غضب الله وامتناع الغيث من المغيث، والعقرب لم تأخذ حرفة السمية من تلقاء نفسها، بل ساعدتها الوالدة بفعل هذا الشنيع بنفسها، لربما لا تعلم أن في ذلك موت، أو انفجار عال من الصوت، ولكنها تود الدفاع عن ذاتها، لا لخبثها بل لخوفها، هي برغم صغر حجمها تدوس بسمها من يدوسها، وتقضي على من يمدها بشر منه بقوسها، هي صغيرة مهيبة، قليلة الوزن عظيمة الشأن، إنها الآن تحت قدمي، وقد فتكت دمي، جعلتني بعدما تركتها حية أغوص في ندمي، وأعادتني إلى عدمي، بعدما منحتها ثقة قامت بهدمي، ها هو سمها يبحر في جسدي، لا أحد حولي قتلت من شيء لا يذكر ومت في مخدعي.

العجوري يكتب: تلفتني شخصية العقرب
مدار الساعة ـ