علّمنا القرآن الكريم أنّ الكلمة ليست مجرّد صوت يتلاشى في الهواء، بل هي أمانة ومسؤولية، قال تعالى:
﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ﴾ [إبراهيم:24].الكلمة الطيبة تنبت الخير في القلوب، وتُغذّي المعنويات، وتفتح أبواب الرجاء، أمّا الكلمة الخبيثة فتُضعف النفوس وتُورث اليأس، قال سبحانه: ﴿وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ﴾.حين نتأمل سيرة النبي ﷺ نجد أنّه كان يختار كلماته بعناية، يزرع بها الطمأنينة في قلوب أصحابه، ويرفع بها هممهم، حتى في أشدّ المواقف، يوم قال لأبي بكر في الغار: «لا تحزن إن الله معنا». تلك الكلمات لم تكن عابرة، بل تحوّلت إلى سياجٍ من الثبات يحيط بالقلب، ويُعزّز الثقة بوعد الله.وفي زمن الأزمات، تبقى الكلمة الصادقة بمثابة سلاحٍ للروح، وحصنٍ يحمي الأوطان من الوهن. الكلمة الحماسية تُشعل العزائم دفاعًا عن الحق، والكلمة المحبِطة قد تهدم ما تبنيه السواعد. لذلك وجب على كلّ مسلم أن يُحسن انتقاء عباراته، وأن يجعلها بابًا للأمل لا منفذًا للخذلان، فإنّ الكلمة قد تُحيي أمة، وقد تُطفئ جذوة في قلب بطل.الأردن اليوم، كما عهدناه، وطنٌ يحتاج إلى أصوات صادقة تشدّ من أزر رجاله ونسائه، وتغرس في النفوس أن حماية الأرض والعرض عبادة، وأنّ من أعظم القُربات الكلمة التي تُعلي المعنويات، وتربط القلوب بالله، وتذكّر أنّ النصر صبر ساعة، وأن وعد الله لعباده المؤمنين حقّ لا ريب فيه.فلنُحسن القول، ولنزرع في ساحاتنا كلمات طيبة، فهي زاد القلوب في المحن، ودرع الأوطان أمام كيد الأعداء.
الضمور تكتب: الكلمة الصالحة.. زاد القلوب وحصن الأوطان
مدار الساعة ـ