ليس يا قيس هذا ما كنتَ تعلّمنا إيّاه، أن نضيّق على أنفسنا أبواب الحياة ونختزل الدين في صراخٍ وشعارٍ جامد. فقد كنا نسمع أنّ الدين رحمة، وأنّ الإنسان مكرّم، وأنّ الحوار أسمى من الخصام، فإذا بنا نرى شباباً يبتعدون عن جوهر ما تعلموا، ليقعوا في فخّ التطرف والرفض لكل ما هو مختلف.
إنّ المدنيّة في معناها الحقيقي ليست خصماً للدين ولا عدوّاً للهوية، بل هي نظام يقوم على المساواة بين المواطنين، على سيادة القانون، على احترام الكرامة الإنسانية، وعلى جعل الحوار والتفاهم أساساً للتعايش. هي مشروع يسعى إلى حماية حق الإنسان في أن يعبد، ويعتقد، ويختار، دون أن يفرض عليه أحدٌ وصاية باسم الدين أو العرق أو السلطة.غير أنّ الشاب المتطرّف، وهو يعيش صراعاً داخلياً بين واقعه وأفكاره، يرى المدنيّة بصورة مشوّهة. يظنّها مشروعاً لتغريب المجتمع وسلبه قيمه، فيُسارع إلى رفضها بعنف. لكنّ رفضه ليس وليد الفكرة نفسها، بل نتيجة خطابٍ ضيّق غذّى في داخله الخوف والكراهية.المدنيّة والتصحيح الفكري • إعادة المعنى إلى أصله: المدنيّة ليست إلحاداً ولا إقصاءً، بل هي مساحة مشتركة تضمن حرية المعتقد للجميع. • الربط بالقيم الدينية: ما تدعو إليه المدنيّة من عدلٍ ومساواة وتكافؤ فرص، هو ذاته ما تدعو إليه الشرائع السماوية. • النماذج الواقعية: مجتمعات مسلمة وعربية حققت مدنية رشيدة دون أن تفقد هويتها. • الحوار بدل القطيعة: الطريق إلى معالجة التطرّف يبدأ بالحوار الذي يفتح أمام الشاب أفقاً جديداً يرى فيه أن المدنيّة ليست خطراً بل حماية له.خاتمةإنّ المدنيّة ليست خصماً للشباب المتدين، بل ضمانة لحقوقه وحقوق غيره. أما التطرف فليس سوى عتمة تُغلق الأبواب. فلتكن رسالتنا للشباب: “ليس يا قيس، هكذا تعلّمنا، بل تعلّمنا أنّ الدين حياة، وأنّ العدالة رحمة، وأنّ الإنسان أكرم مخلوقات الله”
ابو نوار يكتب: ليس يا قيس هذا ما كنتَ تعلّمنا إيّاه
مدار الساعة ـ