على هامشِ مشروعٍ وطنيٍّ يُعنى بتمكينِ الأكاديميّاتِ والإداريّاتِ في الجامعاتِ بالعملِ الحزبيِّ والسياسيِّ، وبتمويلٍ من صندوقِ الملكِ عبدِ اللهِ الثاني للتنمية، وتنفيذِ مؤسّسةِ مساراتٍ للتنمية، وبحُكمِ عملي كنائبٍ لمديرِ مركزِ الأميرةِ بَسمةَ لدراساتِ المرأةِ الأُردنيّةِ في جامعةِ اليرموك، لاحظتُ درجةَ اهتمامٍ كبيرةً من الزميلاتِ الأكاديميّاتِ والإداريّاتِ، ومن مختلفِ الوحداتِ والكليّاتِ، بأدقِّ تفاصيلِ البرنامجِ التدريبيِّ، والمحتوى المعرفيِّ فيه، بل ومدى الشغفِ في فَهمِ المشهدِ السياسيِّ والحزبيِّ في الأُردنِّ.
الحقيقةُ أنّني أنظُرُ إلى هذهِ التجربةِ باعتبارِها ميزةً استطعنا في المركزِ أن نلتفِتَ إليها مع شركائنا في مؤسّسةِ مساراتٍ، ومع شركاءَ آخرينَ نفّذنا معهم برامجَ مشابهةً وُجِّهتْ للمجتمعِ المحليِّ، أو للطّالباتِ اللّواتي تزيدُ نسبتهنَّ في الجامعة عن %65، والزميلاتِ في الجامعةِ التي تزيدُ نسبةُ الإداريّاتِ فيها عن %45 من عددِ موظّفيها، وتصلُ نسبةُ الأكاديميّاتِ إلى حوالي %35 من نِسبةِ أساتذةِ الجامعة؛ وبالتالي، فهي نِسَبٌ يمكنُ القياسُ عليها في الجامعاتِ الأُردنيّةِ عمومًا.ومع الإشارةِ إلى كونِنا نملِكُ في قطاعِ التعليمِ العالي بشكلٍ خاصٍّ، وفي مختلفِ القطاعاتِ والمجالاتِ الوطنيّةِ، قِصَصَ نجاحٍ لنساءٍ رائداتٍ في العملِ السياسيِّ والاقتصاديِّ والإداريِّ، وهو ما أسهمَ ويُسهِمُ في تعزيزِ رُؤى التطويرِ واستهدافِ القطاعِ النِّسويِّ تحديدًا في هذا المجالِ.هذهِ المِيزةُ، بقَدرِ ما يجبُ أن نَعمَلَ على إبرازِها وتطويرِ مخرجاتِها، هي تحدٍّ حقيقيٌّ، وبوّابةٌ تنمويّةٌ في غايةِ الأهميّةِ؛ فاهتمامُ هذهِ الفئةِ الاجتماعيّةِ بالعملِ الحزبيِّ والسياسيِّ، بما تَمتلكُه من قُدراتٍ علميّةٍ وفِكريّةٍ، واشتباكٍ مُباشرٍ مع جيلِ الشّبابِ، ومهاراتِ اتصالٍ نوعيّةٍ، يجبُ أن يكونَ محلَّ دراسةٍ واهتمامٍ، خاصّةً وأنَّهُ مَصحوبٌ بمَعارفَ غيرِ واسعةٍ أحيانًا في الشأنِ السياسيِّ، بشهادةِ الكثيرِ من المشاركاتِ في هذا البرنامجِ، وتحدّياتٍ مجتمعيّةٍ ومؤسّسيّةٍ لا يمكنُ تجاوزُها.وهُنا لا بُدَّ من التأكيدِ على أنّ إعادةَ تشكيلِ اتّجاهاتِ هذهِ النُّخبةِ المجتمعيّةِ تجاهَ العملِ السياسيِّ والحزبيِّ، وإدماجَهُنَّ في هذا المسارِ من العملِ الوطنيِّ، هو خطوةٌ مهمّةٌ قد تقودُنا إلى تغييرٍ حقيقيٍّ في اتجاهاتِ المجتمعِ نحوَ المشاركةِ العامّةِ، باعتبارِهِنَّ قائداتٍ للرأيِ العامِّ، ويَمتلكنَ القُدرةَ على نَقلِ معارِفِهِنَّ لطُلّابِ الجامعاتِ، ولأُسَرِهِنَّ، وبيئاتِهِنَّ الاجتماعيّةِ.وبالتالي، فنحنُ جميعًا، اليومَ، مُطالَبونَ باهتمامٍ أكبرَ ببناءِ برامجَ تدريبيّةٍ واسعةٍ في مجالِ العملِ السياسيِّ للمرأةِ الأُردنيّةِ عُمومًا، وبدخولِ مثلِ هذهِ البرامجِ باتّجاهِ الجامعاتِ، مع محاكاةٍ مهنيّةٍ لطبيعةِ العملِ في الجامعاتِ، وأهدافٍ محدَّدةٍ قابلةٍ للقياسِ.كما أنّ من الواجبِ أن نُخضِعَ واقعَ مُشاركةِ الأكاديميّاتِ في الحياةِ السياسيّةِ للدراسةِ والتحليلِ، بهدفِ الخروجِ بأدواتٍ لتطويرِ هذهِ المشاركةِ، وقياسِ مدى الأثرِ الذي تَتركُه الجامعاتُ على مُنتسِبيها من عاملينَ وطُلّابٍ في تحديدِ اتّجاهاتِهم نحوَ القضايا العامّةِ، وتنفيذِ الرُّؤى الوطنيّةِ في هذا المجالِ.وهو ما يَنسجمُ حُكمًا مع كونِ الأُردنيّاتِ يَمتلكْنَ قُدوةً وقيادةً نِسويّةً ذاتَ تأثيرٍ حقيقيٍّ في قُلوبِ وعُقولِ كلِّ أُردنيّةٍ، وهي جلالةُ الملكةِ رانيا، التي، ومن خلالِ عملِها الوطنيِّ والتنمويِّ على المستوى المحلّيِّ والعالميِّ، شكّلَتْ نموذجًا مُلهِمًا لنجاحِ كلِّ أُردنيّةٍ أينما كانت، مع دعمِ جلالةِ الملكِ وتوجيهاتِه المستمرّةِ لتوفيرِ كلِّ سُبلِ النجاحِ والتميُّزِ لكلِّ أُردنيٍّ وأُردنيّةٍ، وحرصِه الدائمِ على التواصُلِ مع الجميعِ، والاستماعِ إليهم بأُبوّةٍ ومحبّةٍ.ومُجمَلُ القَولِ: إنّ الجامعاتِ مؤسّساتٌ وطنيّةٌ يجبُ أن تَقودَ التنميةَ باتّجاهاتِها المختلفةِ، من خلالِ البحثِ العلميِّ والتعليمِ؛ لكنها، في ذاتِ الوقتِ، مُطالَبةٌ بالعملِ على التقريبِ بين الرؤى والاستراتيجيّاتِ الوطنيّةِ، وبين المجتمعِ الأُردنيِّ، من خلالِ برامجِها المختلفةِ، وإيصالِ الصوتِ الأكاديميِّ النِّسويِّ إلى المؤسّساتِ السياسيّةِ والمجتمعيّةِ والتنمويّةِ، ومنها الأحزابُ، والتجمّعاتُ، والمبادراتُ السياسيّةُ، مع ضمانِ بقاءِ العمليّةِ الأكاديميّةِ بعيدةً عن الانحيازِ الحزبيِّ والسياسيِّ، والحفاظِ على الجامعاتِ كمنابرَ علمٍ، وبحثٍ، وتنميةٍ وطنيّةٍ، وهو ما نستلهمُه من رؤى جلالةِ الملكِ وسموِّ وليِّ العهدِ، حفظَهما اللهُ.
الناصر يكتب: الأكاديميّاتُ الأُردنيّاتُ سِلاحٌ تنمويٌّ، وأداةٌ فاعلةٌ في العَمَلِ العامِّ
د. طارق زياد الناصر
الناصر يكتب: الأكاديميّاتُ الأُردنيّاتُ سِلاحٌ تنمويٌّ، وأداةٌ فاعلةٌ في العَمَلِ العامِّ
مدار الساعة ـ