أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات وظائف للأردنيين مجتمع أحزاب مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية الموقف شهادة جاهات واعراس مناسبات مستثمرون جامعات بنوك وشركات دين اخبار خفيفة رياضة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

العايش تكتب: الصحة النفسية للأيتام… قلوب تبحث عن حضن آمن


رندا سليمان العايش
مستشارة تربوية

العايش تكتب: الصحة النفسية للأيتام… قلوب تبحث عن حضن آمن

رندا سليمان العايش
رندا سليمان العايش
مستشارة تربوية
مدار الساعة ـ

في عيون كل يتيم تتلألأ قصص لم تُحك بعد، وقلوب تبحث عن دفء وحضن يطمئنها.

كل طفل فقد سندًا يجد نفسه أمام صمت العالم أحيانًا، وأمام أسئلة بلا إجابات، وأحلام تنتظر من يشاركها.

الصحة النفسية للأيتام ليست مجرد رعاية، بل هي قلب ينبض بالأمان، ويد تمتد لتزيل الغبار عن أرواح تبحث عن الطمأنينة.

فلنكن نحن الصوت الذي يهمس بالأمل، واليد التي تمسح دموع الحزن، والنور الذي يبدد ظلام الخوف في قلوبهم.

اليتيم طفل يعيش مشاعر متناقضة: حاجة إلى القوة، ورغبة في الانتماء، وخوف من الوحدة. وقد يُخفي ضعفه خلف ابتسامة أو صمت، لكنه في داخله يحتاج إلى كلمة تطمئنه، وإلى يد تمسح عنه غبار الحزن. وهنا تبرز أهمية الصحة النفسية، فهي ليست مجرد علاج، بل بناء داخلي متماسك يحميه من الانكسار.

إننا حين نهتم بالصحة النفسية للأيتام، فإننا نمنحهم توازنًا يساعدهم على النمو السويّ. فالطفل الذي يتلقى دعمًا نفسيًا وعاطفيًا يصبح أكثر قدرة على التعلّم، أكثر قدرة على التكيّف، وأكثر قدرة على مواجهة ضغوط الحياة.

أما الطفل الذي يُترك دون رعاية نفسية، فقد يحمل جروحًا صامتة تكبر معه، وتتحول إلى عوائق تعرقل مستقبله.

كيف نرعى الصحة النفسية للأيتام؟

• الحوار: أن نصغي لأسئلتهم ومخاوفهم بدل أن نفرض عليهم صمتًا قاسيًا.

• التشجيع: أن نُشعرهم بأنهم قادرون، وأن فقد السند لا يعني فقد القيمة.

• الدمج: أن نفتح لهم أبواب المجتمع، فلا يعيشون في عزلة أو يشعرون بأنهم غرباء.

• العطف: أن نقدّم لهم حبًا صادقًا، لا شفقة تُشعرهم بالنقص.

كل يتيم يجد من يفهم قلبه هو مشروع إنسان سويّ، وكل يتيم يُترك وحده مع حزنه هو جرح قد يتسع مع الأيام.

لذلك، فالعناية بالصحة النفسية للأيتام ليست خيارًا، بل واجب تربوي وإنساني، لأننا حين نداوي أرواحهم، فإننا في الحقيقة نداوي المستقبل.

فلنكن جميعًا ذلك الحضن الآمن الذي يطمئنهم، وذلك الصوت الدافئ الذي يعيد إليهم الثقة، وذلك النور الذي يبدّد ظلام الخوف من قلوبهم.

فالأيتام لا يحتاجون فقط إلى سقف يحميهم، بل إلى قلب يحتضنهم، وصحة نفسية تجعلهم قادرين على العيش بكرامة وطمأنينة.

إن الأيتام ليسوا مجرد أطفال فقدوا الأهل، بل هم أرواح تبحث عن دفء، وقلوب تتوق إلى أمان، وعيون تنتظر من يراها بصدق.

إن رعايتهم النفسية ليست ترفًا، بل هي وعد إنساني بأن لا تُترك جروحهم بلا من يضمّدها، وأن لا تُترك مخاوفهم بلا من يطمئنها.

فلنكن لهم الحضن الذي يواسيهم، والكلمة التي تشجعهم، والنور الذي ينير دروبهم.

فكل اهتمام نقدمه، وكل لحظة نصغي فيها، هي بذرة أمل تنمو في قلوبهم لتصبح قوة وحياة، تجعلهم قادرين على مواجهة العالم بابتسامة، رغم كل ما فقدوه.

مدار الساعة ـ