أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب وظائف للأردنيين مجتمع مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مستثمرون الموقف شهادة جاهات واعراس مناسبات جامعات بنوك وشركات دين اخبار خفيفة رياضة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

الشناق تكتب: اغتيال تحت الحصانة.. قطر بين اختبار السيادة وضغوط الإقليم


نجوى صالح الشناق

الشناق تكتب: اغتيال تحت الحصانة.. قطر بين اختبار السيادة وضغوط الإقليم

مدار الساعة ـ

في قلب الدوحة، حيث اعتادت قطر أن تلعب دور الوسيط المحايد في نزاعات المنطقة، دوّى حدث استثنائي قلب المعادلات وهو محاولة اغتيال استهدفت قادة "حماس" تحت الحصانة القطرية. لم يكن الأمر مجرد خرق أمني عابر بل رسالة سياسية صريحة أعادت طرح أسئلة جوهرية حول السيادة والدور وربطت قطر مباشرة بصراع إقليمي أعقد بين إيران وإسرائيل.

السيادة القطرية تحت المجهر

الاستهداف على الأراضي القطرية يمثل انتهاكًا صارخًا للسيادة الوطنية وتحديًا مباشرًا للدولة التي بنت صورتها كجسر للحوار بين الخصوم لا كساحة لتصفية الحسابات. التحدي أمام الدوحة اليوم لا يتعلق فقط بمسألة أمنية، بل بصورة دولةٍ استطاعت أن تكون وسيطًا موثوقًا في ملفات إقليمية حساسة. الحفاظ على هذه المكانة يتطلب إعادة تقييم منظومة الحماية الأمنية والدبلوماسية وتعزيز آليات التنسيق مع الأطراف الدولية حتى لا تتحول قطر إلى ساحة مكشوفة أمام صراعات الآخرين.

وجود قادة "حماس" في الدوحة لم يكن تفصيلًا عابرًا بل ثمرة تفاهمات إقليمية ودولية جعلت من قطر منصة آمنة للحوار. لكن العملية جاءت لتقوّض هذا الإطار وتبعث برسالة مفادها أن الضمانات لم تعد مضمونة وأن يد الاستهداف قد تطال الخصوم حتى تحت المظلة الدبلوماسية. وهو ما يسلّط الضوء على هشاشة الأمن السياسي حتى في الدول الصغيرة نسبيًا ويجعل الاستقرار الإقليمي رهينًا بقدرة الدول الوسيطة على حماية ضيوفها السياسيين.

قطر بين طهران وتل أبيب

الحدث لا يمكن فصله عن المشهد الأوسع وتحديدًا عن الصراع الإيراني–الإسرائيلي المستمر. فإيران تنظر إلى "حماس" باعتبارها جزءًا من محور المقاومة وتوظف دعمها لها كورقة ضغط في مواجهة إسرائيل. في المقابل ترى تل أبيب في الحركة ذراعًا إيرانية تهدد أمنها المباشر. من هنا فإن استهداف قادة "حماس" في قطر ليس مجرد انتهاك للسيادة بل انعكاس لصراع إقليمي أكبر تدرك الدوحة أنها جزء من معادلته بحكم دورها كوسيط وراعٍ للحوار.

الأمر يتجاوز حدود الأمن إلى حسابات الدبلوماسية والإعلام والضغط السياسي. فأي خطوة غير محسوبة من جانب قطر قد تعيد رسم ملامح علاقاتها مع إيران وإسرائيل والولايات المتحدة فضلًا عن القوى العربية الأخرى.

اختبار التوازن القطري

تجد قطر نفسها أمام اختبار مزدوج فمن جهة هي مطالبة بالحفاظ على سيادتها وهيبتها كدولة مستقلة ومن جهة أخرى مضطرة لإدارة توازنات دقيقة بين أطراف متناقضة. نجاحها في هذا الامتحان سيعزز موقعها كوسيط موثوق في ملفات المنطقة بينما أي تعثر قد يفتح الباب أمام تراجع صورتها وتهديد دورها كمنصة للحوار.

ولذلك قد تسعى الدوحة إلى تعزيز تحصيناتها الأمنية والدبلوماسية لحماية ضيوفها السياسيين بالتوازي مع تكثيف اتصالاتها مع الحلفاء الغربيين لضمان استمرار الاعتراف بدورها. إدارة الأزمة بذكاء ستمنح قطر فرصة لتأكيد مصداقيتها بينما أي إخفاق قد يجعلها مجرد ساحة صراع لا لاعبًا فيه.

ومن هنا فإن الدوحة اليوم أمام معادلة حساسة: حماية سيادتها ودورها من دون أن تتحول إلى ساحة مواجهة مفتوحة. يبقى السؤال: هل تستطيع قطر الاستمرار في سياسة التوازن الدقيق بين القوى المتصارعة، أم أن الضغوط المتزايدة ستجبرها على الانحياز في معركة لم تختر توقيتها؟

مدار الساعة ـ