تُعدّ رؤية التحديث الاقتصادي (2023-2033) خارطة طريق طموحة وضعها الأردن لتحقيق نمو مستدام، وخلق فرص عمل، وتحسين جودة الحياة للمواطنين. هذه الرؤية لا تقتصر على خطط حكومية وإحصائيات، بل تتطلب تفعيل جميع أدوات الاقتصاد الوطني لتحقيق أهدافها. وفي صلب هذه الأدوات، تقف بورصة عمان كلاعب رئيسي، متحولةً من مجرد سوق لتداول الأوراق المالية إلى شريك استراتيجي في عملية التحديث الشاملة.

لم يعد دور بورصة عمان يقتصر على كونه منصة لبيع وشراء الأسهم، بل أصبح محورًا أساسيًا لضخ التمويل في شرايين الاقتصاد. فالمشاريع الضخمة التي تهدف إليها رؤية التحديث في قطاعات مثل السياحة، الطاقة المتجددة، والخدمات المستقبلية، تحتاج إلى رؤوس أموال ضخمة. وهنا يأتي دور البورصة في توفير البيئة الجاذبة للمستثمرين المحليين والدوليين، مما يسهل على الشركات جمع الأموال اللازمة للتوسع والنمو. وبذلك، تُترجم الرؤية الاقتصادية من خطط على الورق إلى مشاريع حقيقية على أرض الواقع.

ولتحفيز هذا الدور، أطلقت الحكومة برنامجاً طموحاً يستهدف بورصة عمان بشكل مباشر. يشمل هذا البرنامج مجموعة من الإجراءات التي تهدف إلى زيادة السيولة في السوق عبر تشجيع الإدراجات الجديدة، وتحفيز التداول. كما يهدف البرنامج إلى تحديث البنية التحتية التقنية والتشريعية للبورصة، مما يجعلها أكثر كفاءة وشفافية، وبالتالي، أكثر جاذبية للاستثمار. هذا التحديث لا يخدم المستثمرين الكبار فقط، بل يعمل أيضاً على جذب صغار المستثمرين، من خلال تبسيط الإجراءات وتقديم أدوات مالية متنوعة تناسب مختلف الشرائح.

إن العلاقة بين رؤية التحديث وبورصة عمان هي علاقة تكاملية. فمن جهة، توفر الرؤية الإطار العام والفرص الاستثمارية التي تحتاجها البورصة للنمو والازدهار. ومن جهة أخرى، تعمل البورصة كقاطرة للنمو، حيث توفر آليات التمويل الضرورية لتحقيق أهداف الرؤية. يمكن القول إن نجاح الرؤية يعتمد بشكل كبير على قدرة البورصة على استقطاب الاستثمارات وتحويلها إلى قوة دافعة للتنمية. وفي النهاية، يعود الفضل في هذا التعاون إلى إرساء أساس متين لمستقبل اقتصادي أكثر إشراقاً للأردن، يشارك فيه الجميع، من مستثمر كبير إلى مواطن عادي.