أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين مجتمع أحزاب تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس مناسبات مستثمرون الموقف شهادة جاهات واعراس جامعات بنوك وشركات دين اخبار خفيفة رياضة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

العكايلة يكتب: الأخطر في الاعتداء الإسرائيلي على قطر


حمزة العكايلة
صحفي أردني

العكايلة يكتب: الأخطر في الاعتداء الإسرائيلي على قطر

حمزة العكايلة
حمزة العكايلة
صحفي أردني
مدار الساعة ـ

العدوان الإسرائيلي على قطر لا يمكن اختزاله بمجرد محاولة اغتيال لقادة من حركة حماس، بل خطوة خطيرة لرسم قواعد الاشتباك في الشرق الأوسط على نحو ينذر بمخاطر على كامل المنطقة، فكل دولة اليوم مهددة، في ضوء الوصول لمعادلة مفادها أن هجوم إسرائيل يكسر تحالفات دول المنطقة مع واشنطن ما دام الأمر يتعلق بمصلحة تل أبيب.

الاعتداء يدعو إلى إعادة التفكير في التوازنات السياسية والأمنية الإقليمية، فإسرائيل قامت بضرب ملاذ آمن شكلته قطر كمنبر سياسي ودبلوماسي للمفاوضات، وما قام به نتنياهو محاولة لنسف مفهوم السيادة الوطنية وفرض واقع جديد بحيث لا توجد حصانة لأي عاصمة عربية مهما كانت علاقتها مع الغرب وواشنطن تحديداً.

وما فعله نتنياهو يشكل نقطة تحول خطيرة تضر بمصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، فواشنطن تعتمد على قطر كحليف استراتيجي إضافة إلى دورها كوسيط في الحرب على غزة، وما جرى يقوض ثقة حلفاء واشنطن بها، ويهدد استقرار شبكة التحالفات التي بنتها واشنطن طيلة عقود.

الأخطر أن الإسرائيلي الذي اعتاد الصمت أو المواربة أو التلميح في عملياته الاستخبارية، يتحدث بعلانية عن اختراق سيادة الدول، والاستهداف لقطر يطرح تساؤلات جادة حول شرعية الأدوار العربية في ظل التوسع الإسرائيلي المدعوم أمريكيًا، فتصريحات مسؤولين إسرائيليين وعلى رأسهم المجرم نتنياهو وسفيره في واشنطن تتحدث بوقاحة بأن الضربات لن تتوقف وسوف تصيب في المرة القادمة.

الخطورة هنا لا تتوقف عند الهجوم العسكري، بل تتعمق حين نلاحظ رمادية الموقف الأمريكي الذي يعلم مسبقا به، وهو ما يشجع إسرائيل على تكثيف هجماتها خارج نطاق القانون الدولي، ما يشكل تهديدًا لمنظومة الأمن القومي العربي برمتها، وعليه فإن عدم الرد واستخدام أدوات الضغط، يعد تفريطا استراتيجيا عربيا يدفع إسرائيل إلى تعزيز مشروعها المعروف باسم "إسرائيل الكبرى" الذي يمثل استعادة لأساطير دينية متطرفة توظفها حكومة نتنياهو لتبرير الاستيطان والاحتلال.

ترامب، هنا يلعب دور مقلق في تعزيز هذه الاستراتيجية التوسعية، حيث تغاضى عن الانتهاكات في غزة وراهن على تصعيد عسكري بلا أفق سياسي، وكان على علم بالضربة الغادرة، مما يضع مفهوم تحالف واشنطن في المنطقة على المحك، وهذا الموقف لا يهدد قطر وحدها كوسيط، بل يهدد أمان واستقرار منطقة الخليج وحلفاء واشنطن في المنطقة والعالم.

وعليه فالمطلوب عربياً إعادة تعريف الأمن القومي العربي بعيدًا عن الحسابات الضيقة، وأن يجري محاصرة مبدأ الاغتيالات العابرة للحدود، وأن يضع العرب مسألة الأمن والسيادة فوق كل اعتبار، والعمل على تفكيك الرواية الدينية المتطرفة التي تبرر الاحتلال، وتعزز من جهود بناء مستقبل سياسي مستقر للمنطقة.

والسؤال المشروع، ماذا يمكن لقطر أن تفعل، وماذا يمكن للدول العربية أن تفعل، لعل الإجابة على هذا التساؤل صعبة والكلفة كبيرة، لكن بالإمكان تشكيل جبهة عربية موحدة تستخدم أدوات النفوذ في الغرب لإعادة تقييم الدعم الأمريكي لإسرائيل، من خلال بناء تحالفات سياسية واقتصادية تدفع واشنطن إلى تبني مواقف أكثر توازنًا، والعمل بشكل سريع على استقطاب حلفاء داخل واشنطن يمكنهم التأثير على صانع القرار الأمريكي.

والمهم إظهار خطورة السياسات الأمريكية المنحازة لإسرائيل، ومدى خطورتها في إلحاق الضرر بالمصالح الأمريكية بالمنطقة، وقانونياً فإن رفع قطر ملف الاعتداء في مجلس الأمن الدولي ومحكمة العدل الدولية وأن يكون مقروناً بالوضع في غزة أمر مهم ويحتاج لخبراء قانون عرب، مثلما تبدو الحاجة مهمة لتعزيز القدرات الدفاعية والأمنية والتعاون العسكري والاستخباراتي العربي، والاستثمار في تقنيات الرصد والتحذير المبكر لمواجهة أي هجمات مفاجئة، والعمل على تشكيل تحالفات إقليمية ودولية جديدة.

مدار الساعة ـ