أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات وظائف للأردنيين مجتمع أحزاب مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية الموقف شهادة جاهات واعراس مناسبات مستثمرون جامعات بنوك وشركات دين اخبار خفيفة رياضة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

الزيود يكتب: الأردن وقطر.. وحدة الموقف ومصير الأمة


د. خلف ياسين الزيود
نائب أردني سابق

الزيود يكتب: الأردن وقطر.. وحدة الموقف ومصير الأمة

د. خلف ياسين الزيود
د. خلف ياسين الزيود
نائب أردني سابق
مدار الساعة ـ

تتوالى الاعتداءات الإسرائيلية على أمتنا، وآخرها ما تعرضت له دولة قطر الشقيقة من انتهاك صارخ لسيادتها، عبر اختراق أجوائها وقصف مقر قيادة حركة حماس، بل واستهداف الوفد المفاوض الذي كان يسعى إلى وقف العدوان على غزة. هذه ليست مجرد حادثة عابرة، بل رسالة عدوانية تستهدف كل صوت عربي ما زال متمسكاً بالحق الفلسطيني، وكل دولة ترفض أن تكون مجرد تابع في مشهد إقليمي مرتبك.

إن موقف الأردن كان واضحاً، ليس فقط في بيانات الإدانة الرسمية، بل في المبادرة الملكية التي جسدها سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله الثاني من خلال زيارته إلى الدوحة ، ليؤكد أن الأردن لا يقف على الحياد حين تُمس سيادة دولة عربية شقيقة، وأن وحدة الصف بين عمان والدوحة أكبر من أن تهتز أمام غطرسة الاحتلال.

على المستوى الشعبي، كانت الفزعة الأردنية حاضرة كما عهدناها. فالأردنيون شعروا أن الاعتداء على قطر هو اعتداء عليهم أيضاً، وأن المسألة ليست حدوداً جغرافية بقدر ما هي وحدة مصير. فمن يعرف قيمة الموقف ويدرك ضريبة الكرامة، لا يمكن إلا أن يقف إلى جانب قطر، التي لم تتردد يوماً في دعم فلسطين، ولم تتأخر في نصرة غزة في أشد لحظاتها قسوة.

قطر دفعت ولا تزال تدفع ضريبة مواقفها الصلبة؛ اختارت أن تكون في صفوف الأمة لا في مقاعد المتفرجين، فتحملت استهدافاً وضغوطاً لا لشيء إلا لأنها قالت "نعم لفلسطين" و"لا للاحتلال". وهذه المواقف ليست جديدة عليها، بل هي امتداد لمسيرة طويلة من الالتزام القومي والإسلامي، جعلتها في طليعة المدافعين عن قضايا الأمة.

الأردنيون، بحكم تجربتهم التاريخية، يدركون تماماً ما يعني أن تتحمل دولة صغيرة بحجمها الجغرافي، كبيرة بمواقفها، أعباء الدفاع عن قضايا الأمة. فقد مر الأردن بمحن وضغوط مشابهة، ودفع أثماناً لمجرد تمسكه بخياراته القومية. لهذا يلتقي وجعنا مع وجع قطر، وتتشابك تجربتنا مع تجربتها، ونجد أنفسنا وإياها في خندق واحد.

واليوم، نحن مدعوون لأن نرتقي جميعاً إلى مستوى اللحظة. فليست قطر وحدها من تُستهدف، بل كل من بقي على العهد مع فلسطين. ومن هنا أقول: كما وأدعو إلى أن تكون هذه اللحظة نقطة انطلاق نحو موقف عربي شعبي جامع، يعيد الاعتبار لكرامة الأمة ويصون سيادتها، ونؤكد أن قطر والأردن وبقية الشرفاء في هذه الأمة على قلب رجل واحد.

إن ما تحتاجه أمتنا اليوم ليس المزيد من الخطابات، بل وحدة فعلية تليق بدماء الشهداء وتضحيات الشعوب، وتُعيد إلينا الثقة بأننا ما زلنا قادرين على صناعة المستقبل، لا أن نصبح مجرد أرقام في حسابات الآخرين.

مدار الساعة ـ