أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب وظائف للأردنيين مجتمع مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مستثمرون الموقف شهادة جاهات واعراس مناسبات جامعات بنوك وشركات دين اخبار خفيفة رياضة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

العبادي يكتب: الأردن.. ذاكرة للأصالة والعصرنة


د.محمد يونس العبادي
كاتب وأكاديمي أردني

العبادي يكتب: الأردن.. ذاكرة للأصالة والعصرنة

د.محمد يونس العبادي
د.محمد يونس العبادي
كاتب وأكاديمي أردني
مدار الساعة ـ

في حالتنا الوطنية، دوما ميزات تشرح وتحث روافعنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية على الاستمرار، فهي تجربة راكمت عبر أكثر من مئة عام خبرة الأصالة، والتطلع نحو العصرنة والمضي قدما، رغم كل ما يحيط بنا من صعوبات.

وقد مر الأردن منذ تأسيسه بتحولات عدة في المنطقة، بدءا من زمن الولادة في عهد الانتداب، حيث المشاريع الاستعمارية، مرورا بحرب عام 1948م، ومرحلة الوحدة مع فلسطين، ومحطات اختبار هامة، حين بدأ أفول القومية النقية، مع اغتيال الملك المؤسس عبدالله الأول ابن الحسين، ودخول مرحلة القومية بأيديولوجية اللون والخطابة العاطفية!.

ودوماً تتطلع الذاكرة الأردنية الى احداث أيلول على انها مثلت بداية جديدة استطاع الاردن بقيادة الملك حسين – طيب الله ثراه-أن يعبرها باقتدار ،علاوة على أنها مثلت مرحلة إعادة انتاج الدولة .

وهي مرحلة سبقت أحداث ايلول التي اختتمت عقدين سبقاها مر خلالهما الاردن ،بأشد ظلم ذوي القربى ،ومحاولات التدخل بشأنه.

وبدأت تلك المرحلة ،منذ خمسينات القرن الماضي ،واستمرت نحو عقدين من الزمن،إذ لا يمكن قراءة أحداث ايلول دون قراءة ما سبقها من صعودٍ لتيارات رفعت شعارات يسارية وقومية ،حاولت خلق حالة أدت الى نكسة عام 1967م.

وجاءت أحداث ايلول ، لتختتم تلك المرحلة ، وتعيد الدولة الاردنية انتاج مؤسساتها وتخلق مرحلة جديدة للنهوض بتنمية الاردن وتتوسع بدورها الخدمي والسياسي والأجتماعي.

وفي ذاكرة الاردنيين ،مثل (أيلول )أحداث فتنة ،أجتازها الاردن بصلابة وبوفاء بنيه وجيشه وخطابه الشرعي الذي أثبتت الأيام أنه الأكثر عدلاً لمطالب ووجدان الشعب الاردني والألتزام بقضاياه.

علينا أن نعي أننا بحاجة اليوم الى كتابة الرواية بمفهومها الشامل، لا بطروحات السردية الرومانسية، وتأمل روايتنا ،والدروس والعبر المستفادة منها ،بعيداً عما يطرحه البعض من سياقات تحاول بث التفرقة بين الأردنيين، أو محاولات استخدام الحاضر وعقد الماضي لمآرب شتى.

ومؤخراً يستحضر الأردنيين مواقف عظيمة في كل ما تمر به المنطقة من أحداث، فمثلا بعد "هجوم الدوحة" استذكر الأردنيون مواقف الملك حسين بن طلال، مع محاولة اغتيال خالد مشعل في عمان، وهذا أيضا مثال آخر على روايتنا الممتدة حتى اليوم، بدروس العز.

فالاردن خاض في كل مرحلة معركة الأمن والسلام ومعركة إعادة النظام ضد الفوضى ،ومعارك بذل فيها الأردنيون الدم.

وفي الذهنية الأردنية ،ما زال الأردنيون يستحضرون كثيرا من التحولات بينها مثلا مرحلة "أيلول" ورموزه ،وما اختزله من أيقونات أكدت أن الاردن قوي وقادر على مواجهة المحن .

وأثبتت الوثائق الأردنية المتعلقة بهذه الأحداث انها معركة استعادة النظام ،مبينة أن مكونات المجتمع الاردني كافةً شاركت بها، لفرض النظام والقانون وإعادة الحياة الى مجاريها بعد أن عمت الفوضى .

وبعد مضي أكثر من خمسة عقود من الزمن ،فأننا مطالبين بصياغة الرواية وتوضيح ما جرى وتأكيد ثوابت الاردن وأدواره ،حتى لا تبقى هذه الرواية رهينة لجاهل أو سردية لحاقد.

خاصة وأن النموذج الاردني ودوره لفلسطين ولقضايا الأمة ،أثبت صدقيته وشرعية رؤاه فلماذا، مثلا.. لا نكتب رواية أيلول بقلم أردني رصين ووطني ملتزم اليوم، ولماذا لا نطرق أبواب روايتنا الكبيرة في هذا الوطن الذي أثبت الحاضر وتقادم المراحل صوابية ما هو عليه من مبدأ، وأنه وطن جامع منتم لعروبته، وقيم أمته، بأصالة ماضيه، ومقدرته على العصرنة.

مدار الساعة ـ