بعد عملية الدوحة حيث تنزلت الصواريخ على بلد عربي يلعب دور الوسيط مع إسرائيل، تتنزل الأسئلة حول مصير قيادات حماس.
وكأن الصواريخ مكافآة إسرائيلية لمن يريد التوسط أو إطلاق سراح الأسرى، أو إنها محاولة لتدفيع الثمن لتيارات محددة في قطر تدعم حماس، وربما تكون محاولة للضغط على حماس والدولة الحاضنة لإطلاق سراح الأسرى، أو في الحد الأدنى إجبار المستضيف على إخراج قيادات الحركة حتى لا تتحول قطر إلى ساحة مثل لبنان.هناك حلقات غامضة في كل القصة، إذ يستحيل ألا تعرف واشنطن مسبقا، ولا تعطي الضوء الأخضر، وهناك صورة تتكرر مع حفظ الفروقات، إيران تطلق صواريخ على قطر بذريعة وجود قاعدة أميركية، وإسرائيل تطلق صواريخ على قطر بذريعة وجود قاعدة فلسطينية، وفي الحالتين كم سيحتمل النموذج القطري الاقتصادي الجاذب، والنموذج السياسي القائم على التوسط بين كل الأطراف، كلف هذا الصراع في بلد صغير تنتقل نار الصراعات إليه.هذا يعني أن الدوحة قد تقرر فجأة تغيير كل سياساتها وإغلاق كل ملفاتها السياسية في الإقليم، من احتضان حماس، وصولا إلى ما تمثله واشنطن من خطر على قطر التي تنتظر منها دفع أكثر من تريليون دولار كمشاريع في الولايات المتحدة لكنها تهز استقرارها من خلال عملية عسكرية وحشية تنال من بلد عربي وشعب عربي.هجوم التاسع من سبتمبر على قطر يفضي إلى ما هو أخطر، لأن دول الخليج العربي أي دول الرفاه والاستقرار لا تدفع كلف فوضى الإقليم عادة، وتتجنب وصول الأزمات إليها، لكن مع حادثي قطر الأخيرين، أي الصواريخ الإيرانية والإسرائيلية تبدو النار وكأنها تقترب من منطقة آمنة تاريخيا، ولها مستهدفاتها الاقتصادية، وتنأى بنفسها عن كل الحروب والصراعات، إلا في حالات محدودة يتجلى فيها القطريون تحديدا من خلال الوساطات مع طالبان وحماس وغيرهما، بما يقود اليوم إلى استخلاص يقول إن السياسة الحارقة تتضارب مع الاقتصاد، ولا يمكن جمع الأمرين في سلة واحدة.حتى ساعة كتابة هذه السطور لم يتضح كيف نجا قادة حماس، وهل نجوا جميعا أم بعضهم، وهل أصيب بعضهم أم لا، ثم ما هو رد فعل قطر وهي تتعرض إلى ضربة عسكرية، خصوصا أن الشكوى إلى مؤسسات دولية لا جدوى منها، فيما اجتراح رد فعل عسكري قطري مستحيل لاعتبارات كثيرة، وقد تلجأ قطر نهاية المطاف إلى إخراج قادة المقاومة لتجنب كلف الصراعات، وهو أمر كان محتملا سابقا بسبب إصرار المقاومة على شروط محددة، لكنه اليوم قد يحدث لأسباب ثانية، أي سعي قطر للخروج من دائرة النار، حتى لو كان الثمن خروج القيادات إلى إيران أو تركيا أو العراق مع الشكوك أصلا بقبول هذه الدول لاستضافة القيادات تجنبا للكلف أيضا.اغتالت إسرائيل إسماعيل هنية في إيران، عبر خرق أمني، وحاولت اغتيال قيادات في قطر لم يتضح مصيرها تفصيليا، واغتالت قيادات في لبنان وسورية، إضافة إلى قيادات في غزة والضفة الغربية، وبعد عامين من الحرب نقف أمام مشهد مختلف، على صعيد الصفوف الأولى، والمقاتلين، والوضع داخل القطاع، بما يفتح الباب لكثير من التحليلات حول سمات المرحلة المقبلة، وأين سيصل الاحتلال؟.لا يمكن لأي عاقل أن يشمت بقطر، فهي دولة عربية وإسلامية، سواء اتفقت مع سياساتها أو اختلفت، لكنك ترى بأمّ عينيك كيف كان استهدافها تحولا مختلفا في كل الاستهدافات الإسرائيلية، خصوصا، أنها حليف لواشنطن المفترض أن تضمن أمنها من إيران، فإذ بها تفتح سماءات الدوحة للطيران الإسرائيلي، مثلما أن زيارات رؤساء الموساد والوفود الأمنية الإسرائيلية إلى الدوحة لم تجلب للدوحة سلاما، بل جلبت لها ضربة عسكرية في بلد ثري يعيش على مزاياه الاقتصادية فإذ به تحت القصف بوجود قاعدة أميركية تتفرج عليه.قطر لن تبقى كما كانت، مثلما أن ارتداد الضربة سيكون أولا على تركيا حليفة قطر حيث أنقرة تقرأ المشهد بطريقة مغايرة لكل القراءات وهي تدرك أن رأسها مطلوب أيضا، إضافة إلى ارتداد الضربة على المقاومة إستراتيجيا، ليبقى السؤال المنطقي عن مصير القادة الفلسطينيين في الدوحة سؤالا أساسيا نريد جوابا عليه.التاسع من سبتمبر اختبار للقطريين والفلسطينيين والعرب أيضا.
هل سيتم إخراج الفلسطينيين من قطر؟
مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ