في لحظة تكثّف كل معاني الغطرسة، جاءت الضربة الإسرائيلية على الدوحة لتعلن أن منطق العصابات قد تغلّب على منطق الدولة. ليست مجرد ضربة عسكرية عابرة، بل فضيحة أخلاقية وسياسية، تجسّد وقاحة إسرائيل وعنجهيتها، وتفضح حقيقة رئيس وزرائها الذي لا يرى أمامه سوى خيارين: إما استمرار الحرب أو السجن.
الضربة ليست قراراً استراتيجياً، بل مقامرة شخصية من بنيامين نتنياهو. الرجل الغارق حتى أذنيه في قضايا فساد ورشاوى وتلاعب بالسلطة، يعرف جيداً أن توقف الحرب يعني سقوطه أمام محاكم الداخل والخارج معاً. لذلك يدفع إسرائيل إلى مزيد من الدماء والنار، ليحتمي بالفوضى التي يصنعها. هذه ليست حرب دولة، بل حرب رجل مذعور يخشى أن يُحاكم كمجرم حرب.حين تُقصف الدوحة، فإن الرسالة الإسرائيلية واضحة: لا احترام لسيادة الدول، ولا قيمة لأي عرف دولي، ولا مكان للأمن الجماعي. وقاحة تعلن أن إسرائيل كيان استثنائي يرى نفسه فوق العالم، فوق القانون، وفوق الأخلاق. أما ما يُسمى بـ"المجتمع الدولي"، فقد اكتفى بدور المتفرج، كأنما تواطأ بالصمت.نتنياهو يختزل مستقبل إسرائيل كله في معادلته الشخصية: "إما الحرب أو السجن". لم يعد يسعى للنصر العسكري بقدر ما يسعى لتأجيل محاكمته. فلسفته المشبوهة تحوّل الدماء العربية إلى وقود لبقائه السياسي، وتجعل من إسرائيل رهينة رجل واحد لا يملك سوى خيار الهروب عبر العنف.ما حدث ليس فقط انتهاكاً لسيادة قطر، بل سقوط مدوٍ لما تبقى من أوهام عن "النظام الدولي". كيف يمكن الحديث عن القانون الدولي بينما رئيس وزراء إسرائيل يضرب عاصمة عربية وهو نفسه ملاحق قضائياً؟ كيف تُترك دولة بأكملها أسيرة رجل يبحث عن النجاة الشخصية عبر إشعال الحروب؟الخلاصة: الضربة الإسرائيلية على الدوحة هي إعلان وقاحة لا مثيل له، وفضحٌ لحقيقة أن إسرائيل تحكمها عقلية مجرم مطارد. نتنياهو اليوم يظن أن الحرب درعه، وأن الدماء العربية طوق نجاته، لكن العدالة لا تسقط بالتقادم. سيبقى السؤال مطروحاً: إلى متى يبقى العالم متواطئاً مع مجرم حرب يختبئ خلف رايات الحرب، بينما مكانه الطبيعي في قفص الاتهام؟كابتن اسامه شقمان .
شقمان يكتب:الضربة الإسرائيلية على الدوحة.. قمة الوقاحة وهروب نتنياهو من العدالة
مدار الساعة ـ