أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين مجتمع أحزاب تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس مستثمرون الموقف شهادة جاهات واعراس مناسبات جامعات دين بنوك وشركات اخبار خفيفة رياضة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

القرالة يكتب: صواريخ في قلب الدوحة


محمد بسام القرالة

القرالة يكتب: صواريخ في قلب الدوحة

مدار الساعة ـ

يوم امس لم يكن عادياً. إسرائيل قررت أن توسّع النار، وأن تضرب في قلب قطر. ضربة جوية مباشرة على الدوحة، استهدفت مقرّاً لحركة حماس، وأوقعت قتلى بينهم ابن القيادي خالد الحية، وأصابت صورة الخليج الآمن في مقتل. لم يكن المشهد مجرد انفجار، بل زلزال سياسي هزّ المنطقة من المحيط إلى الخليج، وأرسل رسالة بأن الحرب خرجت من حدود غزة إلى قلب العواصم.

قطر التي طالما لعبت دور الوسيط وطرحت نفسها جسراً للتفاوض، وجدت نفسها اليوم في مرمى الصواريخ. الحدث لم يكن مجرد استهداف لقادة حماس، بل اختبار قاسٍ لدور الدوحة ومصداقيتها. الرسالة الإسرائيلية كانت مباشرة: “لن تحمينا العواصم ولن تحميكم الوساطات”. معادلة جديدة تُفرض على الجميع، من الخليج حتى المتوسط.

الغضب اجتاح الدوحة. بيانات رسمية صاخبة، لغة تنديد، وصف للضربة بأنها “عمل جبان”، لكنها في العمق فجّرت سؤالاً أكبر: كيف لدولة وسيط أن تفاوض على هدنة بينما تُقصف على أرضها؟ كيف يمكن للدوحة أن تواصل دورها في ظل طعنة موجعة بهذا الحجم؟ المشهد أكبر من رد دبلوماسي، إنه تحدي لهيبة قطر أمام شعوب المنطقة.

العالم اهتز. من الأمم المتحدة التي رأت في الضربة انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، إلى أوروبا التي وصفت ما جرى بأنه غير مقبول، مروراً بتركيا التي سارعت للتصعيد الخطابي. حتى واشنطن التي أُبلغت مسبقاً لم تجد غير كلمة “مؤسف”، لكنها أبقت دعمها لإسرائيل. هنا يتضح حجم النفاق الدولي: كلمات شجب في العلن، وتفاهمات صامتة في الكواليس.

أما في الداخل الإسرائيلي، فالصوت المختلف كان صوت عائلات الأسرى. هؤلاء رأوا أن الضربة قد تطيح بآخر خيوط التفاوض، وأن الطريق إلى تبادل الأسرى صار أعقد. لكن الحكومة الإسرائيلية لا ترى إلا بلغة القوة، وتؤمن أن استعراض عضلاتها خارج غزة هو جزء من معركتها النفسية والسياسية. إنها تريد أن تقول للعالم: “أيدينا طويلة، ولا عاصمة محصّنة”.

إن ما جرى اليوم ليس مجرد حادثة عابرة. إنها نقطة تحوّل تعيد رسم ملامح الصراع. من يظن أن الحرب ستبقى محصورة في غزة واهم؛ اليوم طالت الدوحة، وغداً قد تمتد إلى أي عاصمة أخرى. إنها حرب مفتوحة بلا جغرافيا، ورسالة أن الشرق الأوسط كله صار ساحة مستباحة للنار والبارود.

الدوحة اهتزت. الخليج ارتبك. المنطقة بأسرها تسأل: هل نحن أمام بداية مرحلة أشد خطراً من كل ما سبق؟ المؤشرات تقول نعم. ما حدث في قطر اليوم ليس سوى بداية فصل جديد، فيه تتساقط أوراق الوساطات، وتعلو لغة الصواريخ على لغة السياسة.

الجواب لا يحتاج إلى كثير تحليل. ما حدث هو إعلان واضح: إسرائيل قررت أن تخرج من مربع الحسابات التقليدية. صواريخها وصلت الدوحة، وصداها وصل إلى كل بيت في المنطقة

مدار الساعة ـ