حالة السعار التي وصل إليها الكيان الصهيوني المجرم، هي حالة غير مسبوقة في التاريخ الحديث، ما عدا تلك الحقبة السوداء التي عاشها العالم إبان الحكم النازي في ألمانيا، حين كان أدولف هتلر يفتح جبهة جديدة للحرب كل يوم.
الكيان الصهيوني نجح في تخطي إجرام النازية، فهو ينشر الموت والخراب في كل مكان، فها هو يفتح الجبهة الثامنة في عدوانه الممتد على دول المنطقة، بعد أن حول قطاع غزة إلى مجرد ركام ومقابر للشهداء، وحوّل سكانها إلى مجوَّعين يموتون كل دقيقة، فيما يستمر في حصد أرواح الفلسطينيين في الضفة، ويصادر أرضهم.استهداف قطر الشقيقة أمس، كان آخر الاعتداءات التي شنها الكيان ضد دول عديدة في المنطقة، محاولا إشعال الفوضى بكامل الإقليم الذي عانى من الاضطرابات على مدار زهاء ثمانين عاما، هي عمر وجود هذا الكيان السرطاني في قلب عالمنا العربي، فهو كيان خارج عن سياقات الدول الطبيعية التي تنتمي إلى المنظومة الدولية، والتي تقر بالقوانين والاتفاقيات الدولية، وتحترم سيادة الدول الأخرى.المثير في الاعتداء على قطر، هو أنه استهدف قادة حركة حماس خلال اجتماعهم لبحث المقترح الأميركي لاتفاق محتمل لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة، بعد ادعاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن "إسرائيل قبلت بالمقترح"، وأن الدور على حماس لتفعل ذلك. والمثير أكثر، هو أن قطر تشترك في إدارة التفاوض غير المباشر بين الكيان وحركة حماس، أي أنها وسيط متفق على نزاهته وحياديته، فهل كانت الإدارة الأميركية تعلم بنيّة الاحتلال استهداف هؤلاء القادة بقطر، وهل كان المقترح "مجرد فخ" لجمع قادة حماس في مكان واحد من أجل تسهيل تصفيتهم، أم أن الخطوة الصهيونية جاءت من دون إعلام الجانب الأميركي بها؟ليس من السهل حسم هذه النقطة بالذات، ولكن نستطيع أن نخمّن فقط، فإدارة الرئيس ترامب منحت الكيان جميع التسهيلات الممكنة التي تمكنه من حسم الحرب في غزة لصالحه، كما تدخلت إلى جانبه في الضغط على إيران لكي يكون ردها رمزيا إبّان اعتداء الاحتلال عليها، بل إنها اضطرت إلى الاشتراك فعليا بقصف أهداف إيرانية لكي تثبت للكيان بأنها إلى جانبه مهما فعل من ألعاب خطيرة، وأن ترسل رسالة حاسمة إلى طهران بأنها لن تسمح بأن يكون ردّها إلا ضمن المعقول والمسموح به، وهو ما كان بالفعل. كما قامت بضرب أهداف حوثية لتقليل خسائر الصواريخ التي تنطلق من اليمن باتجاه الكيان.دبلوماسيا، ضغطت واشنطن بكل ما تمتلك من قوة، وعلى جميع الأطراف، لكي تمتد هذه الحرب حتى تحقق إسرائيل أهدافها منها، وقد رأينا ترامب مطلع العام يحذر من أنه إذا لم يتم إطلاق سراح جميع الرهائن المحتجزين في غزة، فإن "كل الجحيم سينفجر". كما رأيناه يضغط على حكومة الاحتلال في أكثر مناسبة من أجل التوصل إلى اتفاق يعيد الأسرى، ويوقف إطلاق النار، وذلك من أجل تقليل خسائر الكيان.إن شريكا كبيرا مثل إدارة ترامب، لا يمكن لإسرائيل أن تغامر بخسارته والذهاب إلى تنفيذ اعتداء غاشم والتعدي على سيادة دولة عضو في الأمم المتحدة، من دون أن تعلمه بالأمر، وهو ما يرجح أن واشنطن على علم مسبق بالضربة.إسرائيل تتصرف بكل هذه الوحشية وهذا الاستعلاء من دون أن تفكر بأيّ عواقب، لمعرفتها التامة بأن الدول العربية والإسلامية لا تملك أيّ قدرة على تشكيل جبهة قوية للوقوف في وجه تطرفها وإرهابها الإجرامي، كما أنها على علم مطلق بأنها لن تدان أبدا، فمجلس الأمن الدولي معطل تماما بالفيتو الأميركي الذي أصبح شريكا آخر في الجريمة إلى جانب الكيان المجرم.
منطقة ضعيفة.. وكيان مجرم
مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ