أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين مجتمع أحزاب تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس مستثمرون الموقف شهادة جاهات واعراس مناسبات جامعات دين بنوك وشركات اخبار خفيفة رياضة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

العموش يكتب: ماذا بعد؟


د. سامي علي العموش

العموش يكتب: ماذا بعد؟

مدار الساعة ـ

نتفق جميعًا على أن ما قامت به إسرائيل هو اعتداء سافر، إلا أن من يفهم العلاقات الدولية يعلم حقيقة أنها لا ترتبط بالعواطف، ولكن بالمصالح والأهداف الاستراتيجية المراد الوصول إليها، وبغض النظر عن الخسائر التي يمكن أن تلحق بالطرف الآخر، لأننا بالنهاية نحقق أهدافًا تحقق الردع.

وبمعنى آخر، هي تقول إننا نستطيع الوصول إلى أي هدف ضمن المدى المتاح لتحقيق الأهداف، وبغض النظر أين يكون. هذه مقدمة حتى نستطيع فهم ما حدث، وبكل بساطة كانت هناك مفاوضات بين الطرفين، وكل طرف يريد تحقيق شروطه وأهدافه، ولكن الطرف الإسرائيلي تمارس عليه ضغوط كبيرة، وفي أولوياتها الرهائن وضغوط أهاليهم وأسرهم الممتدة على فترة طويلة، وكان هناك إصرار من طرف حماس على تحقيق الأهداف، وكانت إسرائيل تريد تحقيق نتائج سريعة تقدمها إلى الرأي العام بأنها حققت أهدافها.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فقبل يوم كانت هناك أحداث في مدينة القدس من خلال الهجوم الذي استهدف الإسرائيليين. هذا أقدمه لنفهم ما حدث وما الرسالة المراد إيصالها. أعتقد أن الإسرائيليين كانت لديهم معلومات دقيقة عن المكان والزمان الذي تتواجد به قيادات حماس في دولة قطر، وذلك من خلال العملاء والأجهزة والاستطلاعات المتقدمة، وبناءً عليه تم رسم خطط دقيقة للوصول إلى الأهداف المرادة.

إن عنصر التهديد المراد إيصاله يهدف إلى تحقيق انفراجات وتحولات في الموقف، للوصول إلى الأهداف المطلوبة بناءً على التغيرات التي أحدثتها هذه الضربات. وفي فكر الكثيرين، لم يكن متوقعًا أن تهاجم إسرائيل أهدافًا في قطر التي تربطها بها علاقات ومصالح استراتيجية، وهذا ما يزيد الأمر تعقيدًا، بأنهم خططوا ونفذوا في ليل ما يريدون الوصول إليه، كون الهدف مستبعدًا ويحتاج إلى آليات كثيرة وإمكانيات. وعلى جانب آخر، هي تريد أن تقول بأنها تستطيع الوصول إلى أي نقطة ضمن المدى المنظور والمتاح.

إن المسار المتوقع للهجوم على امتداد الحدود السورية العراقية، والتي لا تمتلك دفاعات جوية متقدمة، بالإضافة إلى المعلومات الاستخبارية التي يمكن أن تتزود بها عن طريق القواعد الأمريكية في البحر الأحمر، والتي كانت تعمل على الإمداد والتزويد اللوجستي، بالإضافة إلى المعلومات اللوجستية، كل هذه العناصر جعلت إمكانية الضربة قائمة لهدف محدد، وكان يعتقد أنه محقق، إلا أن إرادة الله حالت دون ذلك.

إننا في الأردن كدولة مواجهة على حدود مترامية، وفي ظرف صعب وتهديد دائم، وفي منطقة ملتهبة من جميع الأطراف، تجعل الرد ضمن هذه المعطيات يأخذ أبعادًا دبلوماسية وإعلامية مراعية للإمكانيات والدعم اللوجستي والظرف الاقتصادي الذي نعيشه. إننا في الأردن نؤمن بأن الوطن العربي قطعة واحدة، وأن المساس به هو مساس بالأردن والوطن، ولكن علينا أن نؤمن إيمانًا قاطعًا بأن أولويتنا الأولى هي الدفاع عن الوطن وحمايته والذود عنه بالمهج والأرواح، وبغض النظر عن التكلفة والثمن، فالقيم لا تباع ولا تشترى، ولكن الإحساس بالانتماء للوطن يفوق كل الاعتبارات، وما يحدث هو درس يُدرَّس بأن العلاقات والمصالح تفوق الصداقات.

مدار الساعة ـ