أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات وظائف للأردنيين مجتمع أحزاب مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية الموقف شهادة جاهات واعراس مناسبات مستثمرون جامعات بنوك وشركات دين اخبار خفيفة رياضة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

النجار تكتب: أثقال الحقيبة وضغط المناهج.. هل ما زالت المدرسة بيتًا للتعلّم؟


عبير النجار
كاتبة اردنية

النجار تكتب: أثقال الحقيبة وضغط المناهج.. هل ما زالت المدرسة بيتًا للتعلّم؟

عبير النجار
عبير النجار
كاتبة اردنية
مدار الساعة ـ

لم تعد الحقيبة المدرسيّة مجرّد وسيلة لحمل الكتب، بل غدت عبئًا يوميًّا يرهق كاهل أبنائنا، الذين يُفترض أن يقصدوا مدارسهم بلهفةٍ وفرح، لا بأنينٍ من ثِقلٍ يفوق طاقتهم. ومع ازدياد المواد وتعدّد الكتب، لم يقتصر الأمر على الوزن وحده، بل تجاوز ذلك إلى عبءٍ نفسيّ ومعرفيّ يُطفئ جذوة الشغف بالتعلّم في نفوس الصغار.

وفي قاعات الدرس، يواجه المعلّم تحدّيًا أكبر؛ إذ يتعامل مع أكثر من أربعين طالبًا في غرفة واحدة، وفي وقتٍ ضيّق، مع مناهج متشعّبة، تجعل إيصال المعلومة على الوجه الأمثل أمرًا عسيرًا. والنتيجة أنّ الطالب يخرج مثقلاً بالمعلومات لا مُلمًّا بها، والمعلّم يخرج منهكًا بلا ثمرة حقيقيّة.

ويزداد المشهد تعقيدًا بالاعتماد على الرموز (الباركود) والمحتوى الإلكتروني المرفق بالكتب. ورغم أنّ الفكرة تبدو عصريّة، إلّا أنّ الواقع مختلف؛ فليس كلّ بيتٍ يمتلك هاتفًا ذكيًّا أو شبكة إنترنت. وهناك عائلات بالكاد توفّر قوت يومها، فكيف يُطلب منها أن تواكب الوسائط الرقميّة لمجرّد متابعة درس؟

أما المناهج نفسها، فقد باتت أكبر من قدرة الأطفال على الاستيعاب في أعمارهم الصغيرة، إذ ترافقها واجبات مرهقة تُثقِل كاهل الطالب، حتى أصبحت المدرسة مصدر ضغط وقلق، بدلًا من أن تكون بيئة محبّبة تبني شخصيّته وتغرس فيه حبّ التعلّم.

وفي خضمّ ذلك، يظلّ المعلّم هو المتضرّر الأكبر؛ يقف في الصف محاصرًا بين مطالب الإدارة، وضغوط الأهل، وضيق الإمكانات. فكيف له أن يُبدع أو يُلهم وهو يواجه هذا الكمّ من التحديات دون دعم حقيقيّ؟

إنّ إصلاح التعليم لا يتحقّق بتحميل الكتب رموزًا رقميّة، ولا بزيادة الواجبات، بل يبدأ من التخفيف عن الطالب والمعلّم معًا، ومراجعة حجم المناهج، وضبط أعداد الطلبة في الصفوف، وتوفير بدائل عادلة تراعي ظروف جميع الأسر.

فالتعليم هو مستقبل الأوطان، وأبناؤنا يستحقّون مدرسة تمنحهم المعرفة والفرح معًا، لا حقائب مثقلة وضغوطًا متواصلة.

مدار الساعة ـ