يتزايد عدد الدول التي تعتزم الاعتراف بالدولة الفلسطينية، كردة فعل لما تقوم به دولة الاحتلال من حرب ابادة وتجويع، ضد سكان قطاع غزة منذ ما يقارب عامين!.
وما يتم قراءته بين سطور مواقف الدول التي تعتزم الاعتراف بالدولة الفلسطينية، أو ما يصطلح تسميته ب "حل الدولتين"، أن الجرائم التي ترتكبها اسرائيل ليس في قطاع غزة فقط بل وفي الضفة الغربية أيضا، لم تعد تحتمل الضغوط التي يمارسها الرأي العام في الدول المعنية ضد حكومتها، ومطالبتها بمواقف واضحة ازاء حرب الابادة والتجويع، التي ترتكبها اسرائيل واستخفافها الفاضح بالقوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة!.ويمكن ملاحظة التوجهات السياسية للدول التي أعلنت عزمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية، خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول، وهي "فرنسا، بلجيكا، استراليا، البرتغال، كندا، ومالطا"، بالاضافة الى بريطانيا التي وضعت شرطا لاعترافها بدولة فلسطينية، وهو أن تستوفِي إسرائيل معايير تشمل الموافقة على وقف إطلاق النار في غزة، وهنا يجدر التذكير بمواقف بريطانيا المعروفة والمعادية للحقوق الفلسطينية وهي صاحبة "وعد بلفور" سيئ الذكر، الذي بموجبه "منحت بريطانيا فلسطين كوطن قومي لليهود" في سابقة تاريخية! وللتذكير سبق أن اعترفت اكثر من 140 دولة أخرى بالدولة الفلسطينية، بضمنها دول أوروبية هي "أيرلندا، النرويج، وإسبانيا".ودون الوقوع في الوهم فان الاعتراف بالدولة الفلسطينية من قبل هذه الدول، هو في الواقع موقف رمزي لا يغير من الواقع على الأرض، في الوقت الذي تمعن سلطات الاحتلال في ارتكاب المجازر في قطاع غزة، حيث تجاوز عدد الشهداء 61 ألف شهيد بينهم المئات، ممن يذهبون للحصول على الطعام يتم قتلهم من قبل قوات الاحتلال، ونحو عشرة الاف مفقود من المرجح أنهم استشهدوا تحت الانقاض، بالاضافة الى ما يقارب 200 ألف جريح، وعداد القتلى والجرحى لا يتوقف!.وفي الضفة الغربية المحتلة تواصل سلطات الاحتلال التوسع في اخطبوط الاستيطان، وتلتهم الأراضي الفلسطينية الذي يفترض نظريا أن تقام عليها الدولة الفلسطيينة، ومن المفارقات المثيرة للسخرية أن المتحمسين للتوسع الاستيطاني، يمثلون غلاة اليمين المتطرف الاعضاء في حكومة نتنياهو، وهما وزير المالية الإسرائيلي سموتريتش، ووزير الأمن القومي بن غفير، في الوقت الذي تمضي سلطات الاحتلال بقوة، نحو ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية وعلى رأسها منطقة غور الأردن، الأمر الذي يقوّض "حل الدولتين"، ويضع السلطة الفلسطينية أمام مأزق وجودي، وهي خطوة تحظى بغطاء أميركي ضمني وتستند إلى دوافع أيديولوجية وأمنية.وبالاضافة الى هذه الاستراتيجية التي تنفذ على الأرض، يواصل سموتريتش وبن غفير تحريضهما على قطاع غزة، ووقف أي تفاوض مع حركة حماس.في آواخر شهري تموز- يوليو الماضي، عقد في المقر الرئيسي للأمم المتحدة بنيويورك مؤتمر دولي حول التسوية السلمية، وترأس المؤتمر المملكة العربية السعودية وفرنسا،وشاركت فيه فلسطين وغابت عنه الولايات المتحدة، التي وصفت الحدث بأنه "هدية لحماس"، وكانت خلاصة المؤتمر الاتفاق على العمل المشترك، لإنهاء الحرب في غزة والتوصل إلى تسوية عادلة وسلمية ودائمة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، بناء على التطبيق الفعال لحل الدولتين، وبناء مستقبل أفضل للفلسطينيين والإسرائيليين وجميع شعوب المنطقة.صحيح أن الحراك الدبلوماسي الغربي الرافض للجرائم الاسرائيلية، يشكل عامل ضغط وحصارا سياسيا لدولة الاحتلال وربطه بصور التجويع والدمار في غزة، لكنه من جهة أخرى يعكس الاحساس بالعجز السياسي تجاه الحرب، وفشل "المجتمع الدولي" في فرض وقف لإطلاق النار أو الدفع بمسار سياسي حقيقي، كما يتعزز ذلك بالقلق الأوروبي من احتمال إقدام حكومة نتنياهو، على تنفيذ خطط ضم كامل للضفة الغربية وقطاع غزة، وهو ما يعتبر تهديدًا نهائيا لأي أفق لحل الدولتين.وبدل الاكثار من التصريحات والبيانات، المطلوب خطوات عملية من الدول الاوروبية، مثل التوقف عن توريد الاسلحة لاسرائيل وفرض عقوبات اقتصادية عليها، كالتي فرضتها بعض الدول برفض استيراد منتوجات المستوطنات ..الخ، ولا ننسى أن المشكلة الرئيسية تتمثل بالموقف الاميركي الداعم لاسرائيل!.