أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين مجتمع أحزاب تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس مستثمرون الموقف شهادة جاهات واعراس مناسبات جامعات دين بنوك وشركات اخبار خفيفة رياضة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

ما هو بديل التهجير في غزة؟


فهد الخيطان

ما هو بديل التهجير في غزة؟

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ

لن تقف إسرائيل عند حدود في غزة ما لم تحقق أهداف الحرب التي أعلنتها حكومة المتطرفين منذ الأيام الأولى لهجوم السابع من أكتوبر، وأعاد نتنياهو صياغتها بقائمة من ست نقاط قبل أسابيع.

حركة حماس لم تعد تحصي الخسائر. البقاء ولو على ركام غزة بمثابة نصر لها. ولذلك لا تبدو مستعدة للموافقة على شروط وقف الحرب.

الهجوم البري الواسع على مدينة غزة، أحدث دليل على جدية نتنياهو في المضي قدما بحرب الإبادة والتدمير، دون أدنى اعتبار للمجتمع الدولي. ودعوة حماس لسكان مدينة غزة بالبقاء في منازلهم، هي الأخرى دليل على أن الحركة لا تحفل بحياة المدنيين.

نحو مليوني فلسطيني سيتم حشرهم في مساحة من الأرض لا تتسع لأكثر من مائة ألف إنسان. من يعاند أوامر الإخلاء، ويصر على البقاء في المدينةـ 200 ألف حسب تقديرات لصحيفة هآرتس- سيواجهون خطر الموت قتلا أو جوعا، بعد قرار جيش الاحتلال منع توزيع المساعدات شمالي القطاع.

حرب تدمير مدينة غزة ستستمر وفق تقديرات جيش الاحتلال، 3 أشهر. لقد تعودنا على مثل هذه الأكاذيب، العمليات العسكرية ستتطلب أشهرا طويلة، رغم إلحاح ترامب على إنهائها بسرعة.

هناك في الجنوب حيث يتكدس ما لا يقل عن مليوني إنسان فيما يشبه معسكرات النازية، لكم أن تتخيلوا الوضع. القليل من الغذاء والدواء،لا مستشفيات، ولا خدمات صحية. خيام ممزقة، تأوي كل خيمة العشرات، ونحن على أبواب فصل الشتاء. وصف الكارثة لا يحيط بالوضع في غزة، إنها حالة ما بعد الكارثة.

ما الذي نعد فيه أهل غزة في المستقبل المنظور؟

لا شيء غير الموت قتلا أو جوعا ومرضا.

المجتمع الدولي فشل على مدار عامين من عمر الحرب في وقفها. فشله أكبر من ذلك؛ لم يستطع أن يجبر حكومة الاحتلال على إدخال المساعدات الإنسانية، ولا تأمين الأدوية ولا حماية المستشفيات من القصف، ولا منح وسائل الإعلام حق تغطية الحرب، ولا حماية أرواح الصحفيين.

القوى الدولية، الغربية والشرقية، لم تجرؤ على معاقبة حكومة الاحتلال على جرائهما. الاتحاد الأوروبي كان أجبن من أن يفرض عقوبات اقتصادية على إسرائيل، وللتحايل على ضغوط الرأي العام لجأ إلى حيلة الاعتراف بدولة فلسطينية غير موجودة.

النظام العربي الرسمي، غير مستعد لممارسة الضغط على الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي. القوى المقتدرة فيه، تضع مصالحها الوطنية في الاعتبار الأول.

وقف إطلاق النار ليس وشيكا كما هو مؤكد، وحتى إن حدث ذلك، فإن إسرائيل مصممة على فرض السيادة الأمنية على القطاع لأجل غير مسمى. أي أن النزوح والجوع والمرض سيبقى مصيرا يلازم سكان القطاع سنوات طويلة لا نعرف نهاية لها.

ما يقوم فيه جيش الاحتلال بحق سكان قطاع غزة، هو عمل لا أخلاقي ولا إنساني، ويندرج في إطار مفهوم حرب الإبادة البشعة، التي يستحق عليها قادة الاحتلال محاكمة دولية.

هل يكفي ذلك الموقف كي نشعر براحة الضمير؟

ثمة جوانب أخلاقية وإنسانية مؤرقة في هذه المقاربة.

العالم عاجز عن وقف الحرب، وحماية المدنيين، وتقديم المساعدات الأساسية للأطفال والمرضى والنساء الحوامل. عاجز عن وقف تدمير المنازل، وعن توفير منازل مؤقتة، وعاجز عن منع نزوح الألوف من أخر أحياء سكنية صمدت في القطاع. ثم بعد ذلك يصرخ بوجوههم، لن نسمح بالتهجير من قطاع غزة. بمعنى أخر عليكم أن تواجهوا مصيركم المحتوم جميعا،أو البقاء أحياء وسط هذا الجحيم،فقط لأن العالم غير قادر على وقف الكارثة، وبذات الوقت لا يقبل بخروج المدنيين من القطاع.

التهجير جريمة في القانون الدولي، وكذلك العجز عن حماية المدنيين جريمة.

حرب الإبادة مستمرة والتهجير مرفوض، ما هي النتيجة؟

إذا كان العالم يرفض التهجير حقا فعليه أن يوقف الحرب، وسوى ذلك نفاق، يدفع الأبرياء ثمنه قتلا وجوعا.

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ