(تلحلح) مصطلح شعبي يقال لمن يتعصب لقيم ومفاهيم ليس لها سندا من شريعة او تقاليد اوثقافة سائدة، وهو بتعصبه هذا يظن انه نموذجا للكمال، وانه وحده صاحب (مبدأ)، بينما العكس هو الصحيح.
ويتصف المتعصب غالبا بالمكابرة التي قد تقوده الى التطرف الذي يولد الارهاب، فقد لاحظنا ان معظم الذين سلكوا طريق الإرهاب باسم الدين كان فهمهم للدين قاصر، لان معظمهم اخذ دينه عن غير ذي علم. و المتعصب عادة ماينكر عواطفة ظنا منه ان إظهار العواطف امرا محرما او معيبا، متناسيا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أكثر الناس اظهارا لعواطفة حبا وبغضا، وهو القائل حبب الى من دنياكم النساء والطيب وجعلت قرة عيني بالصلاة، وكان عليه السلام لا يخفي حبه للسبدة عائشة، حتى انه مات عليه الصلاة والسلام وكان على صدرها عندما اشتد عليه المرض ، بعد ان كان في حياته يمازحها ويسابقها بالجري فتسبقه عليه السلام مرة وتسبقه رضوان الله عليها مرة اخرى، فيقول لها هذه بتلك. مثلما كان عليه السلام لا يخفي إيثاره لبعض الصحابة مثل ابو بكر وعمر وسلمان وزيد وعلي وغيرهم رضوان الله عليهم اجمعبن. أكثر من ذلك فان الإسلام يقر ان الخطاء والخطيئة جزء اساسيا من تركيبة الانسان السوي، وفي الحديث ان (كل ابن ادم خطاء وخير الخطائين التوابون) وفي الحديث النبوي الصحيح ايضا (لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، وجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم )، والخطاء والاستغفار هو ماميز الله به الانسان عن سائر مخلوقاته. وجعله افضلهم جميعا. اما في تراثنا الشعبي فهناك الكثير من شعر الغزل الذي يعلن فيه رجال ونساء عشقهم والتغني بمن يعشقون. ولم ينكر المجتمع ذلك عليهم، بل كان يسهر ويتسامر بترديد اشعارهم ورواية قصصهم. ومثل إنكاره لعواطفه فان هذا الذي يتعصب لمفاهيمه غالبا لا يحاول ان يبادر الى الاتصال بغيره والاطمئنان عليهم ظنا منه ان ذلك ضعفا، وهو أيضا لايبتسم ظنا منه ان الكشرة علامة الاتزان والوقار، لانه لم يقراء ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يُرى الا مبتسما، وانه عليه السلام كان حلو المعشر، يحب المزاح دون ابتذال.فالاسلام دين حياة ،جاء ليحترم طبيعة الانسان وحاجاته الفطرية، فحرم الرهبانية لانها تعاكس الفطرة البشرية، لذلك عندما اجتمعت عصبة من الرجال فقال احدهم انه يصوم ولايفطر، وقال الثاني انه يقوم الليل ولاينام وقال الثالث انه لا يتزوج النساء، غضب رسول الله وقال "أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني". لذلك فلمتعصب فوق انه يخالف الطبيعة البشرية فانه يخالف الإسلام ويخالف قيم مفاهيم المجتمع، ويخسر الناس حتى من يحبهم ويحبونه، لذلك يقولون له (تلحلح) .