الجيش اللبنانيّ وضع الجمعة الماضيّة على طاولة مجلس الوزراء خطّته لنزعِ السلاح غير الشرعي في لبنان؛ لتبدأ بيروت مرحلة اختبارٍ مصيري في طريقه لحصرِ السلاح بيد الجيش.
وبعد إنسحاب الوزراء الثنائي الشيعي "حزب الله وحركة أمل"، إضافة إلى الوزير فادي مكي من جلسة الحكومة عقب دخول قائد الجيش للجلسة، مجلس الوزراء اللبناني رحب بخطّة الجيش بحصر السلاح بيد الدولة.مجلس الوزراء أكّد أنّ بنود خطّة الجيش ومداولاتها تبقى سرّية، في وقت أكّد وزير الإعلام اللبناني بول مرقص أنّه لا مصلحة للبنان بإحداث ما وصفه بتفجيرٍ داخلي.وبين أنّ تنفيذ الخطّة سيكون ضمن إمكانيّة الجيش المتاحة.كل ذلك يأتي وسط توترٍ متصاعد حول الخطّة، وتحذيرات من تداعيات تتعلق بعدم التوصلِ لتوافقاتٍ حولها، خاصّةً عقب أن أصطدم القرار بمعارضة شديدة من حزب الله.وبعد مغادرتهِ لجلسة مجلس الوزراء هذهِ، وزير التنمية اللبناني فادي مكي دعا إلى مناقشة خطّة الجيش لحصر السلاح تحت سقف البيان الوزاري الذي تم التوافق عليه برويّة وتأني. وأبدى استعدادهُ لتقديم استقالته من هذهِ الحكومة إذا كانت هذهِ الاستقالة ستحقق المصلحة الوطنيّة.وسط هذهِ المجريات الضغط الأميريكي على بيروت متواصل؛ فصحيفة نيويورك تايمز قالت بأنّ واشنطن استبقت اجتماع الحكومة اللينانيّة لبحث نزع سلاح حزب الله بتحذير قادةَ لبنان بأنّ الوقت ينفذُ أمامهم، وأنّهم يخاطرون بفقدان الدعم المالي الأميريكي والعربي. كما حذرت لبنان من حمّلة عسكريّة أسرائيليّة جديدة حال أي تقاعس في تنفيذ هذهِ الخطّة.جامعة الدول العربيّة وفي أكثر من مناسبة أكّدت بأنّها تؤيد وضع خُطّة لحصر السلاح بيد الدولة العربيّة.الأمين العام المساعد للجامعة حسام زكي كان قدّ قال في تصريحات إعلاميّة سابقة أقرّ بوجود سعي عربي لدعم الجيش اللبناني.وسط هذهِ الجهود من الحكومة اللبنانيّة مع الضغوط الأميريكية والإسرائيليّة، يبدو أنّ إيران لم تغيّر من موقفها الداعم لحزب الله، ومحاولات إعادة بناء قدراته التي تضررت كثيرًا جرّاء الضربات الإسرائيليّة الأخيرة.تقارير إعلاميّة كشفت مؤخرًا بأنّ طهران تبحثُ عن قنوات جديدة لضخ أموالٍ لحزب الله عبر الأراضي السوريّة.التقارير كشفت بأنّ مسؤول عراقي بارز رفض طلبًا من طهران لتقديم تسهيلات؛ لتمرير أموالٍ موجّهة للحزب عبر معبر القائم الحدودي مع سوريا.الحكومة اللبنانيّة تقفُ على مفترقِ طرق بين تمسكِ حزب الله بسلاحه، وبين التهديدات الأمريكية بإمكانية عودة الحملة الإسرائيليّة العسكريّة ضدَ لبنان.فإلى أي حدٍ شكّلت جلسة مجلس الوزراء اختبارًا لقدرة الدولة لفرض سيادتها في مواجهة السلاح غير الشرعي؟ وإلى أي حدٍ تثير مخاوف من إنزلاقٍ نحو مواجهاتٍ داخليّة، وربما مواجهاتٍ مع الخارج؟!بِلا شك يثير هذا الملف جدل واسع سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي؛ بعد أن حسم لبنان الجمعة قراره بشأن خطّة نزعِ سلاحِ حزب الله التي سبق وكلّفت الحكومة الجيش بإعدادها.الجلسة المصيرية لمجلس الوزراء سبقتها ضغوطٌ من الداخل والخارج في الداخل.مناصرو حزب الله نظّموا مسيرات ليليّة بالدراجات الناريّة في ضاحية بيروت الجنوبيّة اعتراضًا على قرار نزعِ السلاح ِ وحصرهِ بيد الدولة.وفي الخارج واشنطن حذّرت قادة لبنان بأن الوقت ينفذ أمامهم، وبأنّهم يخاطرون بفقدان الدعم المالي اللبناني والعربي. كما حذرتهم من حملةٍ عسكريةٍ جديدة في حال أي تقاعس في تنفيذ الخطّة.فلبنان اليوم أمام استحقاقٍ كبير ولحظة تاريخيّة ومفصليّة؛ فهل خطّة الحكومة قادرة على كسر معالم الدولة داخل الدولة التي كرّسها حزب الله على مدى عقود من الزمن؟!.ومن أين سيأتي الرّد خلال الأيام المقبلة من الداخل أم من الخارج؟ وأيهما أخطرُ على لبنان؟وما تداعيات بقاء سلاحِ حزب الله على الأجواء الداخليّة وعلى علاقات لبنان الخارجيّة؟!.وهل يعي حزب الله بأنّ سلاحهُ عندما لجأ إلى بناء ترسانته من الصواريخ أصبحَ عبئًا عليه؛ كونها غير قادرة على التعامل مع القدرات العسكريّة المتوافرة لدى إسرائيل وغير قادرٍ على ردعِ إسرائيل، ومن الملاحقات التي تتم والاغتيالات التي تلاحق قيادات الحزبِ بشكلٍ مستمر، دون أن يتمكن سلاحه من حمايتهم أولًا؟.وهل سيستيقظ حزب الله من غفوته ويدرك بأن هذا القرار المفصلي والهام لا يجوز العودةُ عنهُ إطلاقًا؛ لأنّ في ذلك مصلحًة لبنانيّة وللبنانيين، والبيئة الحاضنة لمناصري حزب الله؛ والتمسك في القرار من أجلِ يعود أن يعودَ اللبنانيون الذين هجروا من بلداتهم ومناطقهم؛ ولكي يصار إلى إعادة الإعمار ويستعيدُ القطاع الاقتصادي حيويتهُ؟.