في زمنٍ بات فيه كل شيء رقمياً، أصبحت المحافظ الإلكترونية جزءاً من الحياة اليومية لملايين المستخدمين حول العالم. بضغطة زر، تُنجز المعاملات، وتُرسل الأموال، وتُدفع الفواتير. لكن خلف هذه السهولة والانسيابية، تبرز تحديات ومخاطر قد تُهدد أمن الأفراد واستقرارهم المالي، وربما تتجاوز ذلك إلى تهديد الأنظمة الاقتصادية نفسها.
الجانب المظلم للتكنولوجيا الماليةرغم أن المحافظ الإلكترونية جاءت لتواكب تطور أساليب الدفع وتختصر الوقت والجهد، فإنها في الوقت ذاته فتحت الباب أمام سلسلة من المخاطر الأمنية المتنامية. أبرز هذه التهديدات يتمثل في الاختراقات السيبرانية، إذ لم يعد من الصعب على القراصنة اختراق محافظ غير مؤمنة وسرقة بيانات المستخدم أو الوصول إلى رصيده المالي.الخطورة لا تتوقف عند الاختراقات فقط، بل تمتد إلى الهندسة الاجتماعية، وهي أساليب احتيالية تعتمد على خداع المستخدمين عبر رسائل أو تطبيقات وهمية، تبدو في ظاهرها رسمية، لكنها تهدف لسحب البيانات الشخصية والمالية.الاحتيال يتطور... والقانون لا يواكبمع تطور الوسائل التكنولوجية، بات الاحتيال أكثر تعقيداً وأقل قابلية للكشف. المستخدمون قد يقعون ضحايا لتطبيقات مزيفة أو روابط مشبوهة تؤدي إلى سرقة أموالهم خلال ثوانٍ. وفي كثير من الحالات، يكون من الصعب تتبع الجناة أو استرداد الأموال المسروقة، خصوصاً إذا كانت العمليات تمت خارج النطاق القضائي المحلي.وفي ظل تأخر التشريعات الخاصة بالأمن السيبراني في بعض الدول، يظل المستخدم الحلقة الأضعف، دون حماية قانونية فعالة أو تعويض حقيقي عن الخسائر.تبعات اقتصادية واجتماعية لا تُحمد عقباهالا تقتصر المخاطر على الجانب التقني، بل تمتد إلى أبعاد اقتصادية واجتماعية. فسهولة الدفع قد تُغري البعض بالإفراط في الشراء، ما يؤدي إلى ارتفاع معدلات الديون، خاصة بين فئة الشباب. كما أن المحافظ الإلكترونية قد تُستغل في أنشطة غير مشروعة مثل تبييض الأموال أو التحايل الضريبي.أما على الصعيد الاجتماعي، فالفجوة تتسع بين من يمتلكون القدرة على مواكبة هذا التحول الرقمي، وبين فئات لا تزال خارج المنظومة، سواء بسبب ضعف التعليم الرقمي أو انعدام الثقة بالتكنولوجيا.ما الحل؟الوقاية تبدأ من الوعي. على المستخدم أن يكون أكثر حرصاً في استخدام هذه الأدوات، من خلال اختيار التطبيقات الرسمية فقط، وتفعيل وسائل الأمان مثل المصادقة الثنائية، وعدم مشاركة بياناته المالية مع أي جهة غير موثوقة.وفي المقابل، يتحمل صناع القرار مسؤولية كبيرة في سن قوانين أكثر مرونة وشمولاً، وتوفير أنظمة رقابية صارمة لحماية المستخدمين، إلى جانب إطلاق حملات توعية تُرسّخ ثقافة الأمان الرقمي.في الختامالمحافظ الإلكترونية ليست خطراً بحد ذاتها، لكنها وسيلة تحتاج إلى وعي ورقابة. وبين سهولة الاستخدام وخطورة الانزلاق، يبقى المستخدم هو خط الدفاع الأول، إن أُحسن استخدام هذه التكنولوجيا بحذر ومسؤولية.
القشي تكتب: المحافظ الإلكترونية.. سهولة تحمل في طياتها مخاطر خفية
المحامية مرام القشي
ماجستير قانون جنائي
القشي تكتب: المحافظ الإلكترونية.. سهولة تحمل في طياتها مخاطر خفية

المحامية مرام القشي
ماجستير قانون جنائي
ماجستير قانون جنائي
مدار الساعة ـ