أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين مجتمع أحزاب تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس مستثمرون الموقف شهادة جاهات واعراس مناسبات جامعات دين بنوك وشركات اخبار خفيفة رياضة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

القضاة تكتب: ما بين هند رجب وآن فرانك


دارين القضاة

القضاة تكتب: ما بين هند رجب وآن فرانك

مدار الساعة ـ

لكل قصة إنسانية أثرها على العالم، فالألم حين يُروى بصدق يتحول إلى شاهد على التاريخ وجرس إنذار للضمير الإنساني.

هند رجب، طفلة فلسطينية لم تتجاوز السادسة، وجدت نفسها وحيدة في حي تل الهوى بغزة بعد أن قُتلت عائلتها في يناير 2024. تمسكت بخيط من الأمل واتصلت بالدفاع المدني، تبكي وتستغيث، لكن القصف حال دون وصول المنقذين. بعد ساعات، عُثر عليها وقد اخترق جسدها عشرات الرصاصات. لم يبق الاحتلال لها بيتًا يروي حكايتها، لكن صوتها الموجع الذي وصل إلى العالم تحوّل إلى رمز حي أيقظ إنسانية الملايين وكشف وحشية الحرب بلا تجميل.

أما آن فرانك، الفتاة اليهودية التي ولدت عام 1929 في ألمانيا، فقد اختبأت مع أسرتها في هولندا هربًا من النازيين. كتبت في مذكّراتها أحلامها وآلامها قبل أن يُكتشف مكانها وتُنقل إلى معسكر اعتقال حيث ماتت بمرض التيفوئيد عام 1945 وهي في الخامسة عشرة. تحولت يومياتها لاحقًا إلى كتاب عالمي يروي معاناة اليهود في الحرب العالمية الثانية، وصار بيتها في أمستردام مزارًا للزائرين.

لكن ما حدث أن قصة آن فرانك استُخدمت لاحقًا في الدعاية الصهيونية لتبرير قيام كيان على أرض فلسطين التي ليست ملكًا له، بينما كان الثمن اقتلاع شعب بأكمله وتشريد أجيال. لقد غطّى سرد معاناة آن على معاناة الفلسطينيين المستمرة منذ أكثر من 78 عامًا.

اليوم، يقف صوت هند رجب في مواجهة هذا السرد، ليكشف أن المأساة لا يجوز أن تكون مبررًا لمأساة جديدة، وأن الإنسانية الحقيقية لا تعرف انتقائية في الألم. فبينما ظل بيت آن فرانك شاهدًا على قصتها، أصبح صوت هندالذي دوّى في العالم بيتًا لكل الأطفال، ومرآة تكشف حقيقة الاحتلال بعيدًا عن كل الأقنعة.

وفي النهاية ستنتصر الإنسانية، وتعود فلسطين لأصحابها، فيما تتلاشى وتنهار سرديات الاحتلال الزائفة.

مدار الساعة ـ