يمرّ على الأمة الإسلامية في الثاني عشر من ربيع الأول من كل عام يوم عظيم، هو يوم المولد النبوي الشريف، ميلاد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، خاتم الأنبياء والمرسلين، الذي بعثه الله بالحق ليخرج الناس من ظلمات الجاهلية إلى نور الإيمان.

هذه الذكرى ليست مناسبة للزينة أو المظاهر، بل هي محطة إيمانية نستحضر فيها رسالة النبي الخالدة، ونتأمل في سيرته العطرة التي كانت ولا تزال دستورًا في الأخلاق والرحمة والعدل، فقد قال الله تعالى في محكم كتابه: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"، فكانت حياته صلى الله عليه وسلم تطبيقًا حيًا لمعاني الرحمة، وصورًا عملية لمكارم الأخلاق.

إن المولد النبوي الشريف يذكّرنا بوجوب العودة إلى جوهر الرسالة المحمدية، أن نكون صادقين في أقوالنا، رحماء في تعاملنا، عادلين في أحكامنا، متعاونين في حياتنا. فهي ليست ذكرى تاريخية عابرة، بل مدرسة مفتوحة لكل زمان ومكان.

وفي ظل ما يعيشه العالم اليوم من صراعات وأزمات، تزداد الحاجة لاستلهام قيم النبي صلى الله عليه وسلم في التسامح ونبذ الكراهية، وبث روح الأخوة الإنسانية. فالاحتفاء الحقيقي بهذه الذكرى لا يكون بالاحتفالات أو الطقوس، وإنما بالسير على خطى الرسول، وجعل أخلاقه نبراسًا في حياتنا اليومية.

فالسلام على المولود في مكة ، والذي حمل أثقل رسالة، فبلّغها بأمانة، وعاش كريمًا، ورحل عن الدنيا عظيمًا، صلى الله عليه وسلم ما تعاقب الليل والنهار.