أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين مجتمع أحزاب تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس مستثمرون الموقف شهادة جاهات واعراس مناسبات جامعات دين بنوك وشركات رياضة ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة طقس اليوم

الوريكات يكتب: بين الهوية والحقوق.. رؤية أردنية لحماية الفلسطينيين ومواجهة مشروع الاحتلال


عبد المنعم الوريكات
عقيد متقاعد

الوريكات يكتب: بين الهوية والحقوق.. رؤية أردنية لحماية الفلسطينيين ومواجهة مشروع الاحتلال

مدار الساعة ـ

بات الأمر جليًّا وعلنيًّا لدى الصهاينة في مُضيّهم رسميًا في تسريع عمليات التهجير والاستيطان، في سبيل تحقيق مشروع “إسرائيل الكبرى” المزعومة، وقد أصبحت التصريحات حوله علنية من أعلى المرجعيات الرسمية لدى الكيان بما يمس الدولة الأردنية وهويتها الوطنية ومستقبلها السياسي.

وبين معركة الطعن والتخوين والتخويف من جهة، ومعركة الحرب وفتح الحدود من جهة أخرى، برزت أصوات تطالب بسحب الجنسية الأردنية من جميع من اكتسبها من اللاجئين الفلسطينيين، بحكم قرار ضمّ الضفتين الذي أُلغي لاحقًا كحل في مواجهة الاحتلال.

هذا الطرح، للعارفين والخبراء، معقّد جدًا، فهناك أسباب قانونية تتعلق بقانون الجنسية وعدم وجود تفويضات دستورية لإجراء بهذا الحجم، وهناك أسباب دولية يترتب عليها كلف عالية على الأردن في ما يخص حالة انعدام الجنسية، أما من الناحية الاجتماعية والإنسانية، فسيسبب ذلك اهتزازاً في الاستقرار الأسري والحقوقي والملكيّات، والأهم أن هناك أسباباً أمنية، قد تفضي إلى شرخ كبير في النسيج الاجتماعي الأردني إذا ما تم هذا الإجراء بشكل جماعي ومتسرّع.

يطالب آخرون بإلزام حق العودة، من دون إدراك أن الأردن لا يمكنه فرض ذلك من جانب أحادي على أراضٍ لا تقع تحت سيادته، وهي الأراضي الفلسطينية المحتلة، هذا بالإضافة إلى أنّ المسألة مُكبّلة جزئيًا بمعاهدة السلام الموقعة عام 1994، وأن قرارات الأمم المتحدة بهذا الخصوص غير ملزمة، إذ تطرح خيار العودة أو التعويض.

عمليًا، هذا المقترح غير قابل للتطبيق. وأعتقد من وجهة نظري أنّ معالجته كان يجب أن تتم في وقت أبكر، من خلال صدور تعليمات خاصة لمنح الجنسية للاجئين، بموجب قانون مرن يراعي التطورات السياسية المستقبلية، أما اليوم، فإن أي معالجة متسرعة ستُعد سلاحاً مرتداً قانونياً وسياسياً وحقوقياً، وسيكون مردوده السلبي مكلفاً جداً.

إذن، ما هو الحل؟

السؤال هنا لا يتعلّق بمواجهة اللاجئين أو التضييق عليهم، بل بكيفية الحفاظ على هويتهم وتصحيح أوضاعهم، مع ضمان كامل حقوقهم دون أي تمييز. في الوقت نفسه، لا بد من إيجاد تغيير جذري في مواجهة مشروع دولة الاحتلال، والضغط عليها سياسيًا وقانونيًا ودوليًا.

يمكن للأردن أن يفتح باب “استعادة الجنسية الفلسطينية” بشكل اعتباري وقانوني، مع بقاء الجنسية الأردنية قائمة، وذلك من خلال تعديل قانون الجنسية الأردني، أو إصدار قانون خاص ينص على أن الفلسطيني الذي يحمل الجنسية الأردنية يُعتبر تلقائيًا محتفظًا بجنسيته الفلسطينية الأصلية بحكم الولادة والجذور وهذا لا يلغي أردنيته، بل يضيف وصفًا قانونيًا لهويته الفلسطينية، خصوصاً لسكّان الضفة الغربية حاليّاً.

كما يمكن للأردن إنشاء وثيقة وطنية جامعة لإصدار بطاقة هوية فلسطينية – أردنية، أو شهادة جنسية فلسطينية اعتبارية، بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية، والتي تُعتبر الممثل الشرعي الوحيد للفلسطينيين، أو من خلال هيئة أردنية – فلسطينية مشتركة، لتثبيت هذا الحق في السجلات الرسمية، من دون المساس بالحقوق الأردنية، مع ضمان الاحتفاظ بالهوية الفلسطينية وحق العودة والتعويض، وبذلك يثبت الأردن أن الفلسطينيين ليسوا بلا وطن، وأن هويتهم الأصلية قائمة، الأمر الذي يسحب من دولة الإحتلال ورقة الادّعاء بأن “التوطين” أنهى القضية.

ينبغي التأكيد أن مثل هذا الإجراء يجب أن يبدأ بشكل اختياري، لكل من يرغب في إعادة تثبيت جنسيته الفلسطينية ثم يمكن لاحقاً أن يتحول إلى نظام عام يشمل جميع أبناء فلسطين في الأردن.

إن الحفاظ على الهوية الفلسطينية داخل الأردن ليس تهديداً، بل ورقة قوة استراتيجية بيد الدولة الأردنية والسلطة الفلسطينية في مواجهة مشروع الاحتلال.

مدار الساعة ـ