أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين مجتمع أحزاب تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس مناسبات مستثمرون الموقف شهادة جاهات واعراس جامعات بنوك وشركات دين اخبار خفيفة رياضة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

العايش تكتب: أطفالنا في زمن العولمة.. براءة تبحث عن مرفأ


رندا سليمان العايش
مستشارة تربوية

العايش تكتب: أطفالنا في زمن العولمة.. براءة تبحث عن مرفأ

رندا سليمان العايش
رندا سليمان العايش
مستشارة تربوية
مدار الساعة ـ

عندما نسترجع طفولتنا، نجد أن الحياة كانت لوحة بسيطة مرسومة بألوان دافئة. كنا نلعب في الأزقة الضيقة، نصنع فرحنا من أشياء قليلة: كرة من قماش، أو لعبة شعبية تجمعنا في دائرة من الضحكات. لم تكن المغريات كثيرة، ولم تكن الخيارات واسعة، لكن كان في داخلنا متسع للدهشة والبراءة، وكان الزمن أبطأ ليمنحنا فرصة التأمل.

أما اليوم، فإن أطفالنا يولدون في عالم مزدحم بالصخب، مليء بالصور الساطعة والشاشات المضيئة. العولمة جعلت العالم بين أيديهم.. بضغطة زر يمكنهم السفر إلى أبعد مكان، مشاهدة أي ثقافة، والتعرف على أي فكرة. لكنها في الوقت ذاته سلبت منهم شيئاً من الطفولة الهادئة، ودفعتهم إلى سباق لا ينتهي مع المغريات، حيث الألعاب الإلكترونية أقرب إليهم من ألعاب الساحات، وحيث أبطال الشاشة أحياناً أكثر تأثيراً من المربين والقدوات.

هنا تتجلى المفارقة:

- نحن جيل كبر على القصص التي كانت تُروى على ضوء المصابيح.

- وهم جيل يتلقى قصصه عبر مقاطع مصورة تختفي بعد ثوانٍ.

- نحن جيل انتظر الرسالة أياماً لتصل.

- وهم جيل يكتب الكلمة فتصل في جزء من الثانية.

العولمة ليست عدواً نواجهه، وليست ملاكاً نحتضنه، بل هي سيف ذو حدين؛ تفتح الآفاق أمام عقول أبنائنا، لكنها في الوقت نفسه قد تجرهم إلى تيارات تشتت قيمهم وتضعف تركيزهم.

هنا يبرز دورنا نحن، الآباء والمربون: أن نكون الميناء الآمن وسط هذه العواصف، أن نمنح أبناءنا حواراً صادقاً ووقتاً حقيقياً، وأن نعلّمهم كيف يميزون بين ما ينفعهم وما يضرهم، وكيف يصنعون لأنفسهم بصمة وسط هذا الضجيج.

التربية في عصر العولمة ليست أن نغلق الأبواب، بل أن نفتحها بوعي. وليست أن نحرم أبناءنا من العالم، بل أن نمنحهم بوصلة ترشدهم في هذا العالم.

ووسط ضجيج العولمة، يبقى صوت التربية الواعية هو المرفأ الحقيقي لأبنائنا.

مدار الساعة ـ