أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين مجتمع أحزاب تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس مستثمرون الموقف شهادة جاهات واعراس مناسبات جامعات دين بنوك وشركات رياضة ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة طقس اليوم

أبو حجر يكتب: طبقات التعليم.. رحلة الأقساط والترف


عاطف أبو حجر

أبو حجر يكتب: طبقات التعليم.. رحلة الأقساط والترف

مدار الساعة ـ

إذا كانت العطلة الصيفية عند أولاد الطبقة الأولى تُقاس بكرة مهترئة في الحارات وطائرة ورقية تتمايل في السماء، فإنها عند طلاب أولاد الطبقة المخملية في عطلتهم الصيفية تختلف ٢٦٠ درجة، حيث تجمع بين الترفيه والتعليم والرفاهية:

مخيمات صيفية فاخرة

تقدم نشاطات: كرة القدم، الليزر تاغ، الطبخ، الفنون، والرقص.

ورش عمل علمية وهندسية

والتدريب المتخصص في رياضة الإسكواش، والتسلق، واليوجا، والاسترخاء، والتزلج،

وجلسات التدريب على الموسيقى، وسرد القصص، والمعارض الموسمية.

التجارب الفاخرة في عالم الطبيعة

في مخيمات وادي رم، والتجارب الفاخرة في مغامرات الصحراء مع أنشطة مثل ركوب الجمال، التخييم تحت النجوم، ورحلات الجيب.

الأنشطة البحرية والترفيهية

في منتجعات البحر الأحمر، مثل السباحة، الغطس، والرياضات المائية.

وبين هؤلاء وأولئك، تقف الطبقة الوسطى متعبة، تنحت بالصخر لتبقى واقفة بكرامة، تُدبّر الرسوم عبر قرض بنكي أو اشتراك بجمعية شهرية، أو ببيع قطعة ذهب كانت ذكرى جميلة من ماضٍ مؤلم. ومع بداية أيلول، يذوب الفارق بين كل الطبقات، ويطل موسم العودة إلى المدارس محمّلاً بأثقال القرطاسية، والزيّ المدرسي، والأقساط التي لا ترحم.

إذا كان الصيفُ موسمَ الشواطئ والمثلجات، فإن الخريف عندنا صار موسماً للأقساط والفواتير. وما إن يطلّ أيلول برأسه حتى يبدأ مسلسل العودة إلى المدارس، مسلسل لا يحتاج إنتاجاً ضخماً، لأن أبطاله جاهزون: الأهل المنهكون، والطلاب المتحمسون، والتجار الذين يستعدّون ليقطفوا ثمرة الموسم.

منذ بداية الشهر، تصبح المكتبات أشبه بسوق شعبي مكتظ، دفاتر بأغلفة لامعة، أقلام ملونة، حقائب تحمل وجوهاً كرتونية، والطفل يريد كل شيء دفعة واحدة، فيما يدور الأب بعينيه بين الرفوف وكأنه في مزاد علني. أما الأم، فهي تحاول الموازنة بين الطلبات والميزانية، وتُدرك متأخرة أن الحسابات لا تنتهي عند القرطاسية، بل تبدأ معها.

الزيّ المدرسي وحده قصة: مقاسات مختلفة، نوعيات متفاوتة، وأسعار كأنها مفصّلة على قماش من ذهب. ثم تأتي الفاتورة الأكبر: الرسوم المدرسية، تلك الكلمة التي تحوّل ابتسامة ولي الأمر إلى تجعيدة عميقة في منتصف الجبين.

لكن الأهل، مهما ضجروا أو تذمّروا، يظلون أسرى قناعة واحدة: العلم يستحق. ولذلك يواصلون الركض خلف الأقساط والباص والقرطاسية، ويمضون في هذه الرحلة السنوية كأنها قدر لا مهرب منه.

ولأن السخرية أحياناً أفضل وسيلة للهروب من الهمّ، سأختم لكم بمشهد واقعي اختصر كل ما سبق:

قبل أيام ذهب صديقي عبود ليسجل ابنه بمدرسة خاصة،

أخبره أن القسط 400 دينار،

والباص 40 دينارا، فقال مداعبًا: "خلص، سجلوه بالباص."

مدار الساعة ـ