منذ السابع من أكتوبر 2023، وإلى اليوم، أي ما يقارب 695 يومًا، يقف الكيان أمام استحقاق تاريخي غير مسبوق. فرغم اعتماده سياسة الحصار والتجويع، واستهدافه المدنيين قبل العسكريين، وتغاضيه عن مصير أسراه حتى وصل إلى تفعيل قانون أو بروتوكول هانيبال"قتل الجندي الإسرائيلي خير من وقوعه في الأسر"، إلا أنه فشل فشلًا ذريعًا في تحقيق الحسم بالمفهوم العسكري بل صار يذكر في صعيد حدث أمني.
وحين ضاق به الميدان، حاول تصدير أزمته للخارج، عبر تهديد الدول العربية وضرب إيران، بحثًا عن "انتصار رمزي" يعزز حكومة التطرف، لكن إيران امتصت الصدمة، رغم جيش الجواسيس العامل لصالحه في المنطقة. صحيح أنه نجح في تسجيل اختراقات كبيرة على صعيد حزب الله، لكنه لم يحقق نجاحاً استراتيجيا حتى الآن رغم اغتياله لقيادات الصف الاول في الحزب وفي إيران.لقد دخلت أبعاد جديدة في الحسبان لم تكن مطروحة من قبل: رفض مصر والأردن القاطع لسيناريو التهجير – ابتداءً من موقف جلالة الملك عبدالله الثاني الصلب أمام إدارة ترامب – وعودة الجيش المصري إلى سيناء بكامل عدته وعتاده، وسقوط نظام بشار الأسد وما ترتب عليه من قيام حكم وطني في سوريا يحاول الكيان مستميتا منعه من استلهام واستدراك اي حالة نهوض، فضلًا عن دخول تركيا على خط الصراع عاجلاً أم آجلا ، وسيكون طويل المدى.إن إسرائيل واهمة إن ظنت أن مشروعها المزعوم قابل للتحقق، حتى لو استطاعت القضاء على إيران - التي من المتوقع أن يحصل معها تسوية بعد مواجهة أخرى - وأذرعها التي استُخدمت يومًا في تدمير الدول العربية من الداخل.منذ حرب حزيران 1967، ارتبط في المخيلة العربية مفهوم "الحرب الخاطفة" التي حسمت الميدان خلال أيام قليلة. يومها اعتمد الكيان على عنصر المباغتة والتفوق الجوي، فيما كانت الساحة العربية غارقة في الانقسام والتردد. لكن نصف قرن من الزمن كفيل بتغيير المعادلات.فاليوم، لا يقف الكيان أمام جيش عربي نظامي في غ و ة أو الحوثي او حزب الله ، بل أمام جبهات طورت أدواتها: من الأنفاق في غ و ة إلى الصواريخ في باقي الاذرع الإيرانية، وصولًا إلى تكنولوجيا المسيرات والدرون التي كسرت قاعدة التفوق الجوي. ولو أن المقاومة في غزة امتلكت أسطولًا متكاملًا من الدرون والمسيرات، لكان بإمكانها أن تجعل المشهد أقرب إلى "أوكرانيا ثانية" في قلب الشرق الأوسط، حيث تتفوق التكنولوجيا المرنة على جيوش ضخمة وتغير قواعد الاشتباك. وفي المقابل، يواجه الداخل الإسرائيلي انقسامات حادة، وأزمات سياسية، واستنزافًا اقتصاديًا غير مسبوق.لقد انتهى زمن الحرب الخاطفة، وحلّ محله زمن الاستنزاف الطويل. زمن تتراجع فيه قوة المشروع الصهيوني، بينما تتعلم الأمة وتراكم أدواتها جيلًا بعد جيل. فما يعيشه الكيان اليوم ليس سوى أعراض أفول مشروعه الأكبر، مهما توهّم قادته، ومهما حاولوا صناعة "انتصارات وهمية" على حساب الدماء العربية
الخوالدة يكتب: هل انتهى زمن الحروب الخاطفة؟ الصراع العربي الإسرائيلي
مدار الساعة ـ