يمثل التعليم الركيزة الجوهرية لأي مشروع تنموي في الأردن، إذ لا يمكن تحقيق نمو اقتصادي أو توفير وظائف مستدامة من دون نظام تعليمي عالي الجودة.
فالأبحاث العالمية تؤكد أن كل سنة إضافية من التعليم تعزز دخل الفرد المستقبلي بنسبة تصل إلى 10%، ما يعني أن الاستثمار في التعليم ليس مجرد إنفاق اجتماعي، بل هو استثمار اقتصادي مباشر ينعكس على حياة الأفراد والمجتمع.في السياق الأردني، حيث يواجه الاقتصاد تحديات تتمثل في ارتفاع معدلات البطالة وضيق الفرص، يصبح التعليم النوعي هو المخرج الأهم. فوجود نظام تعليمي حديث وفعّال يزوّد الشباب بالمهارات الرقمية والعملية المطلوبة في سوق العمل، سيسهم في تحويل التحديات إلى فرص ويحد من الهجرة والكفاءات المهدورة.التأثير على جودة الحياة والرفاه الاجتماعيالتعليم لا يقتصر أثره على الدخل والنمو فقط، بل ينعكس على جودة الحياة بشكل شامل. الأفراد المتعلمون أكثر قدرة على الوصول إلى خدمات صحية أفضل، وأكثر وعيًا بالأنماط المعيشية الصحية، ما يقلل الأعباء على النظام الصحي. كما أن التعليم يعزز من العدالة الاجتماعية، إذ يفتح المجال أمام الفئات الأقل حظًا لكسر حلقة الفقر، ويُنمّي قيم المشاركة المدنية ويحد من التطرف الاجتماعي والسياسي.نماذج وتجارب ملهمة:كوريا الجنوبية؛ في ستينيات القرن الماضي كانت من أفقر دول آسيا، لكنها ركّزت على التعليم كأولوية وطنية، فتحولت خلال عقود قليلة إلى قوة اقتصادية كبرى، بفضل الاستثمار في رأس المال البشري.فنلندا؛ تعد مثالًا على كيف يقود التعليم عالي الجودة إلى مجتمع متماسك، حيث ساهم نظامها التعليمي القائم على العدالة والتفكير النقدي في خلق مواطنين أكثر ابتكارًا وإنتاجية.سنغافورة؛ اعتمدت على التعليم لربط مواردها البشرية المحدودة بالاقتصاد العالمي، فباتت مركزًا عالميًا للابتكار والخدمات.هذه التجارب تقدم دروسًا مهمة للأردن؛ فالمجتمع المتعلم هو أكثر قدرة على الابتكار، وأكثر مرونة في مواجهة الأزمات الاقتصادية والصحية، وأكثر استعدادًا للتكيف مع التحولات العالمية كالثورة الرقمية والذكاء الاصطناعي.الأردن؛ فرصة لإعادة البناءالتعافي من الأزمات العالمية والإقليمية التي يواجهها الأردن اليوم يتطلب إعادة التفكير في التعليم باعتباره استثمارًا وطنيًا استراتيجيًا. فالتركيز على الجودة، وتطوير المناهج لتواكب الاقتصاد الرقمي، وتعزيز الربط بين الجامعات وسوق العمل، سيشكل بوابة الأردن نحو الاستقرار والنمو.فالتعليم ليس خدمة اجتماعية ثانوية، بل هو محرك الاقتصاد الأردني، وضامن الرفاه الاجتماعي، وأداة العدالة، وبوابة الأردن للمستقبل.