أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة جامعات دين مغاربيات خليجيات ثقافة رياضة اخبار خفيفة سياحة الأسرة طقس اليوم

توظيف الخوارزميات للتأثير المضلل على الرأي العام.. قراءة في المشهد الأردني والإقليمي


الدكتور محمد المومني
باحث في الصحافة الرقمية

توظيف الخوارزميات للتأثير المضلل على الرأي العام.. قراءة في المشهد الأردني والإقليمي

الدكتور محمد المومني
الدكتور محمد المومني
باحث في الصحافة الرقمية
مدار الساعة ـ

الخوارزميات أصبحت المحرك الخفي للأخبار والآراء على المنصات الرقمية، فما يراه المستخدم على فيسبوك أو تيك توك أو إكس ليس عشوائيا بل نتيجة معقدة لبرمجيات تختار أي محتوى يتصدر وأي محتوى يُخفى. هذا الدور الذي يبدو تقنيا محايدا يمكن أن يستخدم أحيانا لخدمة أجندات معينة أو للتلاعب بالوعي الجمعي.

ولعل المتفاعل الرقمي يلحظ بروز قضايا جدلية في المجتمع الاردني يتعلق بعضها بالشأن البرلماني واخر بقضايا حزبية ويمكن الجزم ان اثارة هذه القضايا في الوقت الراهن يهدف للتشكيك بالمنجزات الوطنية والمسيرة الوطنية للنهوض بالعمل البرلماني والحزبي ويمكن تشخيص هذه الحملات الهدامة بانها استهداف واضح لسلسلة الانجازات المحلية والاقليمية منها خاصة في ظل نجاح القيادة الهاشمية في ايصال صوت الظلم والقهر الذي يعاني منه اهلنا في قطاع غزة وفلسطين للعالم اجمع وتوضيح الممارسات القمعية والارهابية التي يمارسها الطغاة الصهاينة لاشعال المنطقة وترهيب القاطنين فيها.

ومن ابرز الآليات التي تمارس التضليل عبر الخوارزميات ما يسمى بتضخيم الرواية المحددة من خلال إعطاء الأولوية لمحتوى معين حتى يظهر وكأنه "الرأي السائد"، بينما يتم تهميش وجهات النظر الأخرى، والاوجب على وسائل الاعلام المحلية والمنصات الاعلامية الموجهة التصدي لهذه الحملات بالوعي واثارة هذه المواضيع محليا ليدرك الرأي العام عمق الاستهداف الموجه للقيم والمعتقدات لاضعاف الروح القومية.

ومن الآليات ايضا صناعة الترند الوهمي من خلال دفع وسم (هاشتاغ) ليصبح متصدرا، فيظن الجمهور أن هناك قضية جماهيرية واسعة بينما قد يكون ناتجا عن مئات الحسابات المبرمجة (Bots)، واغلب المستخدمين شاهدوا التقنيات الجديدة التي تستهدف اصطناع التفاعل عبر بناء تقنيات تحتوي على اجهزة محمولة تقوم على التفاعل مع محتوى ما عبر تكثير سواد الاستخدام وايهام المتفاعلين بانها قضية تستحوذ على اهتمام الاغلبية.

ولا يمكن اغفال اسلوب تغذية الغضب والاستقطاب الذي يمارس بكثرة في الاونة الاخيرة من خلال الخوارزميات حيث يتم تفضيل المحتوى الجدلي والصادم لأنه يجذب التفاعل ما يخلق أجواء من التشكيك والانقسام خاصة حملات تحسين صورة المحتل تجاه متلقي المساعدات في غزة ومحاولة اظهار رحمتهم المصطنعة ولكن هذا الجانب ابرز المئات من المتفاعلين لاظهار كذب الرواية الصهيونية واستهدافهم المدنيين عبر ادوات اعلامية غربية وشهود عيان اجانب تولوا قيادة شاحنات المساعدات ووثقوا القنص العشوائي للمدنيين العزل.

كما تقوم الخوارزميات من خلال التوجيه البشري المغرض بإعادة التدوير الخفي للمضامين المتداولة رقميا من خلال نشر الاخبار المضللة بصيغ مختلفة من حسابات متعددة بهدف اعطاء انطباع بوجود "تأييد واسع".

وفي الأردن برزت ملامح تأثير الخوارزميات في أكثر من مناسبة ففي القضايا الاقتصادية والمعيشية تركزت قضايا ارتفاع اسعار الكهرباء على ابرز المضامين المتداولة وانتشرت العديد من الروايات المتناقضة بسرعة، بعضها يضخم الأزمة وبعضها الآخر يقلل من حجمها وغالبا ما يكون ذلك ناتجا عن نشاط مكثف لحسابات وهمية أو محتوى موجه.

ولعل التحدي الأكبر اليوم هو أن المستخدم العادي لا يدرك أن ما يراه هو "منتج خوارزمي" وليس تمثيلا عادلا للواقع مما يستوجب رفع الوعي الرقمي لدى المواطنين حول آلية عمل المنصات، وتعزيز مبادرات التحقق من الأخبار (Fact-checking) محليا والضغط على المنصات العالمية لزيادة الشفافية كما فعلت الحكومة الاردنية مع تطبيق تيك توك الذي يسعى اليوم لتحسين ادارة المحتوى والتوصل لاتفاق لعودته للعمل.

ولا بد في الختام تجديد التأكيد على اهمية استثمار الإعلام الوطني والمهني في تقديم رواية دقيقة وسريعة لتفادي فراغ المعلومات بنفس الطريقة التي تبث بها المغالطات والمحتوى المضلل حيث يجب ان تتوفر منصات وطنية على جميع التطبيقات تكون بمثابة المفند لجميع الاكاذيب والهجمات الشرسة بحق المملكة وقيادتها وشعبها.

مدار الساعة ـ