أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية الموقف شهادة مناسبات مستثمرون جاهات واعراس جامعات مغاربيات خليجيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة الأسرة طقس اليوم

مذكرات بلا اعتذار.. حين يختبئ المسؤول خلف البطولة الوهمية


محمود خطاطبة

مذكرات بلا اعتذار.. حين يختبئ المسؤول خلف البطولة الوهمية

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ

معلوم منذ قديم الزمان بأن المُذكرات، وجدت لتأريخ حوادث مُعينة، أو الإسهاب في شرح أسباب أزمة ما، وسُبل مُعالجتها، أو لتسليط الضوء على مرحلة من مراحل تاريخ الدولة، أو ما حدث لشخصية تبوأت مناصب أو ما واجهها، أو الكشف عن أسرار، مضى عليها ردحًا من الزمان، وأصبح مسموحا الكشف عنها، أو حتى سلبيات أو قرارات أو إجراءات اُتخذت وكان لها أثر سلبي على الوطن.

لكن أن يتم «فرد عضلات» أو ادعاء دور البطولة، وتوزيع اتهامات هُنا وهُناك، أو الظهور بمظهر الضحية، أو المغلوب على أمره، لإثارة تعاطف الناس، أو حتى لغاية في نفسه، فتلك «النرجسية» أو «الشيزوفرينيا» بعينها.

تطورت الحياة، وأصبح نظير المُذكرات هو ما يُطلق عليه حاليًا «بودكاست»، فالأخير قريب جدًا من الأول، ولكن بطريقة مُعاصرة، حديثة، تواكب التطور الحاصل في هذا الكون، وعصر السرعة، كما أنه ليس بحاجة إلى الكثير من الأيادي، كما هو معروف عند كتابة مُذكرات.

المُهم، يخرج علينا هذه الأيام رجال، يُطلق عليهم «رجال دولة»، كان لهم حظًا وافرًا، من خلال مناصب تسلموها، يشرح لنا سرديات وأحاديث وأساطير حدثت معه، أكان وقت تبوّؤ المنصب أو قبل ذلك، فضلًا عن أنه يتطرق بطريقة أو أُخرى عن القرارات والإجراءات التي اتخذها خلال مرحلة تبوئه ذلك المنصب، لكن الإيجابية منها فقط، غاضًا الطرف، بشكل مُتعمد، عن تلك التي تتضمن سلبيات، أو ما كان لها أثر عكسي على الوطن والمواطن.

تارة يتطرق إلى أنه تم منعه من خوض إحدى الانتخابات النيابية، وتارة أُخرى يقول بأنه «حُرم» من تبوّؤ منصب، لمجرد أن أحد أبناء منطقته على رأس منصب آخر في الدولة.. وهو نفسه، عندما كان في المنصب، لم يدخر جهدًا من مُحاباة أشخاص على حساب آخرين، لعدة أسباب جُلها تصب في مصلحة «الشخصنة» أو «الجهوية» أو «الفئوية».

قرارات مصيرية اُتخذت في عهده، كان لها تأثير مُباشر على المُجتمع بشكل عام.. وللعلم أهم هذه القرارات كان هو نفسه ضدها قلبًا وقالبًا، وكان صوته يردح في أروقة مجلس النواب رافضًا إياها، والتي يأتي على رأسها قانون الصوت الواحد، ورفع الدعم عن المُشتقات النفطية، وزيادة الضريبة أو «تجويدها»، كما يحلو للبعض تسميتها، إلا أنها ضد المواطن.

رجل تسلم عدة مناصب، وفي عهده تم «الاستقواء» على ضريبة الجامعات.. عزيزي القارئ والمُتابع أتذكر ضريبة الجامعات؟، وقتها كان يُقتطع مبلغ من المال، لا يتجاوز الدينار الواحد، عند إتمام المُعاملات، من قبيل شراء شقة أو أرض، أو ترخيص مركبة، وما إلى ذلك من مُعاملات، كان ريعها يعود بالنفع على الطالب الجامعي، ومن قبله التعليم العالي.

حق لكل شخصية تبوأت منصبًا، أن تكتب مُذكراتها، أو تُفصح عما حدث معها من قرارات مصيرية، أو الإجراءات التي أُتبعت وقت الأزمات أو «الانعطافات»، شريطة ألا تؤثر سلبًا على الوطن، ومؤسسات يُنظر إليها على أنها مُقدسة، وستبقى كذلك.

ذلك حق لتلك الشخصية، لكن أيضًا من حق المواطن ألا يتم «استغفاله»، أو النظر إليه على أنه غير واع، أو أنه بسيط يستطيع أيًا كان تمرير عليه رواية، أو نعته بأن ذاكرته كالسمكة.

في تلك الحالات، أي كتابة المُذكرات أو التصريح من خلال وسائل الإعلام، أو الظهور في «بودكاست»، فإن الأولى والأصح أن يتم التطرق للقرارت الصعبة والقاسية التي اُتخذت في عهد الشخصية، موضوع الكلام.. وليس عيبًا، أو حرامًا، أو يُنتقص من قيمته أو قدره، في حال تقدم باعتذار عن قرارات، كان لها أثر سلبي، أو اكتشف أنها خطأ وغير صحيحة، فذلك ما يفعله المسؤولون في الغرب، ولنا في ذلك أمثلة كثيرة.

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ