في وطنٍ لا يُشبه إلا نفسه، خرج الحسين بن عبدالله الثاني من رحم الدولة، لا ليكون ظلًا، بل ليكون امتدادًا حيًّا لنبضها. لم يُولد في فراغ، بل في لحظةٍ كانت تحتاج إلى من يُجدد العهد، ويُعيد تعريف القيادة: لا كمنصبٍ يُعلّق على الجدار، بل كمسؤوليةٍ تُحمل على الكتف، وتُختبر في الميدان.
لم يكن ولي العهد يومًا صورةً نمطيةً تُعاد إنتاجها، بل كان نقطة تحوّل في سردية الدولة الأردنية الحديثة.حين يرتدي بزّته العسكرية، لا يُجامل، بل يُعلن أن السيادة لا تُدار من خلف الزجاج، بل من قلب التراب.وحين يتحدث، لا يُراوغ، بل يُسمع صوتًا يُشبه هدير الرعد: واضحًا، حاسمًا، لا يقبل التأويل.في تمرين “الدرع الواقي”، لم يكن يُجرب بندقية، بل يُعيد تعريف الردع.وفي الكرك، لم يكن يُلقي خطابًا، بل يُجدد العهد مع الأرض التي لا تُباع، ولا تُساوم، ولا تُخذل.“الكرك كما جرش، كما الرمثا، كما عمّان… كلها قلبٌ واحد، لا مكان فيه للفتنة ولا للفرقة.”الحسين بن عبدالله الثانيهذه ليست جملةً عابرة، بل بيان سيادي يُعيد ضبط الإيقاع الوطني، ويُعلن أن الأردن لا يُقسم، ولا يُهدد، ولا يُخترق.وحين وقف أمام العالم، في مجلس الأمن والجمعية العامة، لم يكن يُمثل نفسه، بل كان يُمثل الأردن حين يقرر أن يُخاطب العالم بلغة الكرامة، لا بلغة التوسّل.قالها بوضوح:“إما أن تُروى الشجرة المثمرة العطشى، أو أن يُصب الزيت على النار المستعرة.” هذا هو الحسين: لا يُجامل في الحق، ولا يُهادن في السيادة، ولا يُساوم على الكرامة.هو ابن الملك، نعم.لكنه أيضًا ابن مدرسةٍ هاشميةٍ تعرف أن المجد لا يُورّث، بل يُثبت.هو خريج جورجتاون، لكنه لا يتحدث بلغة النُخب، بل بلغة الأرض.هو ضابطٌ في الجيش، لكنه لا يختبئ خلف الرتب، بل يتقدّم الصفوف.في كل موقف، يُثبت الحسين أن الأردن لا ينتظر المستقبل، بل يصنعه.وأن القيادة ليست لقبًا، بل فعلٌ يوميٌ يُمارس بالانضباط، والوعي، والكرامة.
الربيع يكتب: الحسين بن عبدالله الثاني.. حين تنطق الأرض باسمها
مدار الساعة ـ