لقد كثرت وتنوعت المحاكم في الحياة الدنيا في مختلف الدول في العالم. فمثلا في أردننا العزيز تنقسم المحاكم إلى ثلاث فئات رئيسية هي: المحاكم النظامية (الصلح، البداية، الاستئناف، التمييز، العدل العليا والإدارية). والمحاكم الدينية (الشرعية والمجالس الكنسية للنصارى)، والمحاكم الخاصة محاكم شرعية ومحاكم حقوقية ومحاكم عسكرية … الخ. وقد تختلف مُسَمَّيَات المحاكم من بلد لآخر وفق الأنظمة المجتمعية المختلفة المتبعة في كل بلد. علاوة على وجود محاكم دوليه على مستوى العالم ونضرب مثلاً: محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية ومحكمة حقوق الإنسان الدولية … الخ. وغيرها من المحاكم المشكلة وفق ميثاق كل مجموعة من هذه المجموعات الدوليه لها ونضرب امثلة: المحكمة الأوروبية للطاقة النووية، محكمة الدول الأمريكية لحقوق الإنسان … الخ. جميع هذه المحاكم بمختلف مسمياتها وأنواعها وقضاتها ومحاميها والمدعون العامون الذين يعملون فيها خاضعين لقوانين من وضع البشر لا أكثر ولا أقل. وفي معظم هذه المحاكم يكون المسؤولين عنها خاضعين للتأثيرات والضغوطات الخارجية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً … الخ داخلياً وخارجياً ومن النادر أن يكون الحال غير ذلك، يقول الرسول ﷺ: القضاة ثلاثة، قاضيان في النار، وقاضٍ في الجنة. القاضي الذي في الجنة هو من عرف وتيقن من الحق فقضى به، أما القاضيان اللذين في النار فهما: القاضي الذي قضى بغير الحق لجهله بالحق أو تلبيس الباطل على الحق من قبل المحامين أو بسبب الضغوطات الخارجية عليه. هذا علاوة على شهود الباطل (شهود الزور الذين يُشْتَرُون بالأموال غير آبهين بما قله لهم ربهم في الآية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا ۚ وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (النساء: 135)). ويحتمل الحكم في هذه المحاكم من قبل قضاتها، العدل، الظلم، أو المراوغة في إصدار الحكم … الخ، وفقاً لمدى التأثير عليهم وعلى قضاة هيئاتها مما ذكر من ضغوطات وربما لدرجة التهديدات للأسف الشديد كما حصل مع رئيس وأعضاء محكمة العدل العليا حديثاً في لاهاي قبل فترة من الزمن. أما المحكمة الربَّانية يوم الحساب فهي محكمة موحدة وقاضيها هو ربُّ العالمين الحق العدل الذي لا يظلم أحداً من عباده (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (الكهف: 49))، وذلك بسبب ما سُجِّلَ لكل عبدٍ في كتابه من قبل الملكين العتيد والرقيب (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (ق:18)). فلا يتدخل لدى هذه المحكمة أي مخلوق مهما كانت مكانته أو عظمته في الدنيا لأن كل مخلوق يوم الحساب لا يريد إلا النجاة بنفسه من هول ما يرى من أهوال يوم الحساب (وَلَا يَسۡـَٔلُ حَمِيمٌ حَمِيمٗا، يُبَصَّرُونَهُمۡۚ يَوَدُّ ٱلۡمُجۡرِمُ لَوۡ يَفۡتَدِي مِنۡ عَذَابِ يَوۡمِئِذِۭ بِبَنِيهِ، وَصَٰحِبَتِهِۦ وَأَخِيهِ، وَفَصِيلَتِهِ ٱلَّتِي تُـٔۡوِيهِ، وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا ثُمَّ يُنجِيهِ (المعارج: 10-14)). وذلك لأن كل نفسٍ تحضر للمحاكمة ومعها سائقٌ وشهيد (وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (ق: 21))، السائق هو قرين الإنسان الذي وُكِّلَ به من قبل ربه وهو من الجن والشهيد هو عمله الذي كتبه له الرقيب والعتيد في كتابه الذي لا يضل ولا ينسى ولا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها. والمحامي أو مجموعة المحامون الذي يسمح له أو يسمح لهم الدفاع عن كل إنسان هم: عمله الصالح من كل شيء من قراءة القرآن أو الصلاة أو جبر الخواطر أو أعمال الخير بكل أنواعها المذكورة في القرآن الكريم والموجودة في السنة الصحيحة وليس غير ذلك، فعلينا جميعاً أن نأخذ ونعمل بالآية ( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (الكهف: 110)).

خماش يكتب: الْمحكمة الْربَّانية
مدار الساعة ـ