أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة جامعات مغاربيات خليجيات دين ثقافة رياضة اخبار خفيفة سياحة الأسرة طقس اليوم

النهج الإصلاحي في الضريبة


سلامة الدرعاوي

النهج الإصلاحي في الضريبة

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ

الإصلاح الضريبي الذي تنفذه دائرة ضريبة الدخل والمبيعات ضرورة وطنية وخطوة عملية نحو بناء منظومة مالية أكثر عدالة وكفاءة، إذ ما تشهده الدائرة من إجراءات متتالية هو مسار جاد لإعادة تنظيم العلاقة بين المكلف والدولة، وتحقيق مبدأ العدالة الضريبية من خلال أدوات عملية وشفافة.

وهذه الخطوات لم تأتِ كرد فعل، بل ضمن خطة استراتيجية طويلة المدى تهدف إلى ضبط النظام الضريبي، وتوسيع القاعدة الضريبية، وتقليص الفجوة بين ما يجب أن يُحصّل فعليًا وما يُحصّل بالفعل.

في صلب هذه الإصلاحات يأتي نظام الفوترة الوطني الإلكتروني، الذي يشكل تحولًا محوريًا في آليات العمل الضريبي، فهذا النظام هو التزام تشريعي وتنظيمي، حيث يتيح متابعة التعاملات المالية بشكل فوري وموضوعي، وتقلل من فرص الخطأ أو التجاوز، وتسجيل أكثر من 140 ألف مكلف حتى الآن يعكس تجاوبًا متزايدًا من القطاع الخاص ووعيًا بأهمية هذا النظام، خاصة بعد أن أتاحت الدائرة خاصية الاستفسار عن المسجلين فيه بكل شفافية عبر موقعها الإلكتروني.

نظام الفوترة أثبت قدرته التقنية والعملية بإصدار يصل لـ 1.2 مليون فاتورة يوميًا، بمدة تنفيذ لا تتجاوز نصف ثانية، فهذه الأرقام تعكس مستوى متقدمًا من الجاهزية الفنية والبنية التحتية، وتُظهر أن النظام لم يُطلق بشكل متسرع، بل بعد اختبارات وتجارب واقعية شملت منشآت وشركات مختلفة، خاصة ان النظام صُمم ليتكيف مع مختلف الأنظمة المحاسبية دون أن يفرض تغييرات على المستخدمين، وهو بسيط وواضح، ما جعله مقبولًا على نطاق واسع.

الدائرة لم تتوقف عند هذا الحد، بل مضت في تحويل خدماتها إلى النمط الرقمي بالكامل، حيث يمكن للمكلفين الوصول إلى أكثر من 65 خدمة إلكترونية، تغطي جميع المراحل من التسجيل وحتى الاسترداد الضريبي، وهذا التحول لا يقتصر على تحسين الخدمة، بل يعزز كفاءة الإدارة الضريبية ويحد من الهدر في الوقت والموارد.

ومن التطورات البارزة أيضًا، تبني الدائرة لتقنيات الذكاء الاصطناعي في عمليات التدقيق الضريبي، واستخدام هذه التقنيات ساهم في تعزيز دقة المراجعة وسرعتها، ومكّن من رصد الحالات التي تحتاج إلى متابعة بشكل موضوعي وفعّال.

كما تم اعتماد التوقيع الإلكتروني على التقارير ومذكرات التدقيق، بداية في مديرية كبار المكلفين والمناطق الحرة، على أن يتم تعميم هذا الإجراء تدريجيًا على باقي المديريات، مما يقلل من الحاجة إلى الورق ويعزز أمان البيانات وكفاءة الأرشفة.

وفي ذات المسار، التعاون مع جامعة الأميرة سمية للتكنولوجيا يعكس رؤية متقدمة نحو دمج التعليم والتكنولوجيا في العمل الضريبي، إذ ان تطوير أدوات تحليلية تعتمد على الذكاء الاصطناعي لرصد أنماط السلوك الضريبي وتقدير المخاطر يمثل نقلة نوعية في إدارة البيانات، كما أن إدراج مواد دراسية متخصصة في الضرائب ضمن الخطط الأكاديمية سيساهم في بناء جيل جديد من المختصين القادرين على التعامل مع التحديات الحديثة في هذا المجال.

هذه الجهود مجتمعة تؤكد أن الإصلاح الضريبي في الأردن يتجه في المسار الصحيح، ولا يتم الاكتفاء بالتعديلات القانونية أو التحديثات التقنية، بل يجري العمل على بناء منظومة متكاملة تتسم بالشفافية، وتستند إلى أدوات رقمية ذكية، وتخدم هدفًا واضحًا: تحقيق عدالة ضريبية مستدامة، وتعزيز ثقة المكلفين بمؤسسات الدولة.

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ