أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة جامعات مغاربيات خليجيات دين ثقافة رياضة اخبار خفيفة سياحة الأسرة طقس اليوم

المهيرات تكتب: بين التشريع والواقع.. لماذا يظل الشباب بعيدين عن الحياة الحزبية في الأردن؟


الدكتورة المحاميه رنا محمد داوود المهيرات

المهيرات تكتب: بين التشريع والواقع.. لماذا يظل الشباب بعيدين عن الحياة الحزبية في الأردن؟

مدار الساعة ـ

لم يعد النقاش حول قانون الأحزاب في الأردن مجرد حديث عن نصوص قانونية، بل أصبح اختباراً حقيقياً لقدرة الدولة والأحزاب على استيعاب الشباب وتمكينهم. فالقانون الجديد الذي أُقرّ قبل نحو عامين اعتُبر خطوة متقدمة في مشروع التحديث السياسي، خاصة مع النص على ضرورة تمثيل الشباب بنسبة 20% في تأسيس الأحزاب. لكن، وبعد مرور هذه الفترة، يظل السؤال مطروحاً: هل بات الشباب فعلاً شركاء في الحياة الحزبية، أم أن القانون بقي حبراً على ورق؟

الواقع يقول إن الفجوة ما تزال قائمة. إذ تشير بيانات الهيئة المستقلة للانتخاب إلى أن نحو 38% من أعضاء الأحزاب المسجلين هم من الشباب، وهي نسبة تبدو مشجعة للوهلة الأولى، لكنها لا تعكس المشاركة الفعلية على الأرض. فعند مقارنتها بعدد الشباب الذين يحق لهم التصويت، والذين يتجاوزون مليوني ناخب، يتضح أن نسبة المنتسبين للأحزاب لا تتجاوز 1% من إجمالي الشباب في المملكة. هذا التفاوت يكشف أن النصوص القانونية، مهما بدت طموحة، لم تنجح بعد في تحويل المشاركة الشبابية إلى حقيقة ملموسة.

الأمر لا يرتبط بالقانون وحده، بل بثقافة سياسية ترسخت عبر سنوات جعلت الانتماء الحزبي خياراً محفوفاً بالتردد. جزء من الشباب ما زال ينظر بعين الريبة إلى الأحزاب، وآخرون يفضلون منصات التواصل والمبادرات المجتمعية باعتبارها أكثر تأثيراً وأقل كلفة. وفي المقابل، لم تنجح معظم الأحزاب في تجديد خطابها السياسي بما يجذب جيلاً يعيش إيقاعاً مختلفاً ويبحث عن حلول عملية لمشاكله اليومية، لا عن شعارات مكررة.

القانون خطوة متقدمة، لكنه غير كافٍ ما لم يترافق مع تغيير حقيقي في بنية الأحزاب وآليات عملها. الشباب لا يريدون مقاعد رمزية، بل مساحة فعلية للتأثير والقرار. وهنا تبرز الحاجة إلى مبادرات جدية: برامج تدريب وتأهيل، آليات داخلية تضمن وصول الشباب لمواقع قيادية، وإجراءات تحمي المشاركة السياسية من أي تبعات سلبية أو ضغوط اجتماعية.

وفي النهاية، يظل السؤال الأهم: هل لدى الأحزاب والإرادة السياسية في الأردن استعداد فعلي لتوسيع مساحة الشباب داخل الحياة الحزبية؟ فالقانون، رغم أهميته، ليس سوى بداية الطريق. النجاح الحقيقي سيُقاس بقدرة الأحزاب على ترجمة النصوص إلى ممارسة واقعية تمنح الشباب الثقة والدور القيادي، بعيداً عن الرمزية والشكلية. وإذا تحقق ذلك، يمكن أن يشكّل قانون الأحزاب الجديد نقطة تحول حقيقية في مسار الإصلاح السياسي في الأردن.

مدار الساعة ـ