في زمنٍ باتت فيه وسائل التواصل الاجتماعي مسرحًا مفتوحًا، تحولت حياة المشاهير إلى عرض يومي يستهلك عقولنا ووقتنا. تفاصيل حياتهم الخاصة، من زيجات وطلاقات إلى حفلات زواج فارهة ومظاهر ترف مبالغ فيها، صارت تُقدَّم كأنها النموذج الأمثل للنجاح والسعادة. لكن، هل هذه المظاهر حقًا تعكس قيمة حقيقية لحياتنا؟ أم أنها مجرد واجهة زائفة تزرع الوهم في عقول الشباب والفتيات؟
حفلات الطلاق التي تُعرض وكأنها أحداث احتفالية، والبذخ الكبير في حفلات الزواج، أصبحا يرسخان نمطًا جديدًا من الاستهلاك المظهري. شباب وفتيات يرون في تقليد هذه المظاهر طريقًا إلى المكانة الاجتماعية، بينما يغفلون أن هذا التقليد يستنزف المال والطاقة بلا جدوى.والسؤال الذي يفرض نفسه هنا: من وراء شهرتهم إلى هذا الحد؟الجواب ببساطة: نحن. نحن المشاهدون الذين نعيد نشر مقاطعهم وصورهم، حتى ولو كان ذلك بمحض السخرية أو الاستهزاء. فكل مشاركة، كل إعجاب، وكل تداول لمحتواهم، يضيف إلى رصيد شهرتهم، ويمنح هذا النمط من الحياة الرقمية قوة وانتشارًا أكبر.وما لا يدركه كثيرون أن مجرد الضغط على زر "إرسال" أو "مشاركة" يعني أننا ندعم هذه الثقافة المبالغ فيها، ونُعزز وجودها في حياتنا اليومية.لكن، هل نريد حقًا أن نمنح هذه "المهزلة" مساحة أكبر من حياتنا؟ أم أننا بحاجة إلى وقفة جادة تعيد ترتيب أولوياتنا؟الحل يبدأ بالوعي. الوعي بأن السعادة لا تُقاس بعدد المتابعين، ولا تُبنى على صور وفيديوهات لحفلات استعراضية. السعادة الحقيقية تُبنى على تطوير الذات، على العلاقات الصادقة، وعلى الإنجازات التي تمنح الفرد قيمة حقيقية.لهذا، من واجبنا أن نقاطع هذا النمط من المحتوى، وأن نلغي متابعة هؤلاء المشاهير الذين يبيعون الوهم. ليس فقط لصالح أنفسنا، بل لصالح أبنائنا ومجتمعاتنا، حتى لا تتحول هذه الظاهرة إلى معيار اجتماعي جديد يفرض نفسه على أجيال كاملة.في النهاية، يبقى السؤال الأهم: هل نملك الشجاعة لنترك لهم حياتهم، ونختار لأنفسنا طريقًا أكثر وعيًا وواقعية بعيدًا عن الاستعراض والمظاهر الزائفة؟
الديري تكتب: حين تتحول حياة المشاهير إلى معيار زائف للسعادة
مدار الساعة ـ