أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة جامعات دين مغاربيات خليجيات اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة الأسرة طقس اليوم

الزعبي يكتب: الألغام السياسية الإسرائيلية.. قنابل موقوتة تهدد الأمن العربي


محمد علي الزعبي

الزعبي يكتب: الألغام السياسية الإسرائيلية.. قنابل موقوتة تهدد الأمن العربي

مدار الساعة ـ

لم تكن إسرائيل يومًا لاعبًا عابرًا في معادلة الشرق الأوسط؛ بل كانت وما تزال، زرعًا غريبًا وسط جسد الأمة، يتحرك بعقلية استعمارية تقوم على إشعال الفتن وزرع الألغام السياسية في طريق الأمن العربي المشترك. فمنذ قيامها وهي تتعامل مع المنطقة بعقلية "إدارة الأزمات" لا "حلها"، وتستثمر في الدم والدمار لترسيخ وجودها وتكريس هيمنتها.

الألغام السياسية الإسرائيلية تتجلى في صور متعددة؛ فهي تارةً تتستر بشعارات السلام الكاذبة لتدفع الأطراف إلى مفاوضات عبثية لا تنتهي، وتارةً أخرى تشعل فتيل الأزمات الطائفية والمذهبية والقومية داخل الدول العربية لتفتيت بنيتها الداخلية. إسرائيل تعلم أن قوتها تكمن في ضعف جيرانها، لذلك فهي حريصة على ألا يستقر أي بلد عربي أو يحقق نهضة حقيقية تُهدد تفوقها العسكري والاستخباراتي.

ومن أبرز هذه الألغام، مشروعها الدائم لعرقلة قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، عبر التوسع الاستيطاني ومصادرة الأرض، وتهويد القدس، والتحكم في المقدسات، في خرق صارخ للقرارات الدولية. هذا التعنت لا يستهدف فلسطين وحدها، بل يهدف إلى تكريس واقع إقليمي مأزوم، يعطل أي مشروع عربي وحدوي أو تكاملي.

إسرائيل لا تكتفي بتصدير الأزمات، بل تتقن اللعب على حبال القوى الدولية، فترتدي عباءة "الشريك الاستراتيجي" تارة، و"الدولة الديمقراطية" تارة أخرى، لتستدرج الدعم الغربي وتغطي على ممارساتها العدوانية. وهنا يكمن خطرها الأكبر؛ فهي لا تتحرك بعشوائية، بل تزرع ألغامها بذكاء مدروس، لتنفجر في لحظة محددة وتعيد رسم خريطة المصالح على حساب الدم العربي.

إن ما تمارسه إسرائيل اليوم من تحريض، وعمليات اغتيال سياسية، وافتعال توترات في محيطها، ليس سوى سياسة ممنهجة لإبقاء المنطقة في حالة عدم استقرار دائم. فهي ترى أن أي توافق عربي حقيقي، أو أي تحالف اقتصادي وأمني مشترك، هو تهديد مباشر لوجودها القائم على التفوق الأحادي.

إن الأمة العربية اليوم أمام تحدٍ مصيري؛ فالأمن العربي المشترك لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية. والرهان على تفكيك هذه الألغام يمر عبر وحدة الموقف، وتعزيز الجبهة الداخلية، والوعي بخطورة المشروع الإسرائيلي الذي لا يسعى إلى سلام، بل إلى سلامٍ مرسوم بمقاييسه، يضمن تفوقه وإخضاع الآخرين.

الألغام السياسية الإسرائيلية ليست مجرد خطط عابرة، بل هي قنابل موقوتة، إذا لم يُدرك العرب خطورتها، فإن انفجاراتها ستمتد من فلسطين إلى كل عاصمة عربية، مهددة الأمن والاستقرار والمصير المشترك.

مدار الساعة ـ