مدار الساعة- إبراهيم السواعير
حيث العراقة والتاريخ والماضي الأصيل على أديم الصحراء الأردنية؛ كانت وزارة الثقافة تحطّ رحالها في "الجفر"؛ هذه المنطقة الضاجة بعنفوان الماضي وتطلعات المستقبل والولاء العميق للوطن وقيادته الهاشمية. وهذه المرة، لتدشين مكتبة غنّاء بكتب التراث والمعارف، بكلّ أشكالها، في بلدية الجفر، لرفد أهالي المنطقة والقضاء بما هو مهم وثري لكلّ الاهتمامات الثقافية التي تلبي حاجة رواد المكتبة وزوّارها؛ اعتمادًا على ما للمكتبة من حضور دائم في الوجدان الأردني، باعتبار الثقافة هي أساس بناء أي حضارة أو بلد على مرّ التاريخ. وخلال حفل التدشين، الذي جرى بحضور النائب صالح أبو تايه، والعين سلطان الجازي، ومدير قضاء الجفر رئيس بلدية الجفر أمين الشعيبات، ومدير مديرية ثقافة معان الدكتور يوسف الشمري، ورئيس البلدية السابق حسين بادي، ورؤساء البلدية السابقين، وجمع كبير من شيوخ وأهالي منطقة الجفر،.. طُرحت أفكار ثرية من أهالي المنطقة ووجهائها، على طاولة مستديرة مع وزير الثقافة مصطفى الرواشدة، تعلقت بمقترح أن يكون أحد المواقع في هذه المنطقة متحفًا، وأن يصار إلى جعله منارة سياحية، بالتنسيق مع وزارة السياحة والجهات ذات العلاقة، من حيث ترميم هذه المواقع؛ خصوصًا وأنّ المنطقة كانت فيما مضى، وما تزال، مَنبتًا للأجيال التي تعتز بماضيها وتفتخر بحاضرها وتراهن على الثقافة والوعي في صناعة مستقبلها المشرق.جولة وزير الثقافة كانت بانوراما أو كاميرا متحركة ناطقة؛ ابتداءً من موقع قصر الشيخ عودة أبو تايه، واستذكار قصص قديمة وأفكار حول العناية بهذا الموقع، والمحافظة على ما تبقى منه، كمَعْلم مهم في الجفر، ومرورًا بمبنى وأطلال مدرسة في الجفر تأسست سنة 1924، ودرس فيها عدد من رجالات الوطن؛ ودلّت على العشرية الأولى لبدايات تأسيس إمارة شرق الأردن، وانتهاءًا بزيارة مدرسة أنشئت سنة 1956 وما تزال قائمة، وحملت ذاكرة المنطقة والجوار منذ ذلك التاريخ.كانت رؤية وزير الثقافة الرواشدة تأكيد أهمية الثقافة، ومقترح إنشاء جمعية في المنطقة تتسم بالطابع الثقافي، لتنشيط الحركة الثقافية في مجتمع قضاء الجفر، والبناء على ما هو موجود. كما كتب الرواشدة في تغريدة له على منصة (X)، أنه سعيد بافتتاح وتدشين مكتبة بلدية الجفر في منطقة البادية الجنوبية بحضور قامات وطنية، مؤكدًا أنّ وزارة الثقافة جهّزت المكتبة بالعناوين المناسبة والوافرة في المعارف العامة والآداب والعلوم والمواضيع الوطنية وكتب الأطفال؛ لافتًا إلى أهمية المواقع الموجودة في هذه المنطقة، مثل موقع قصر الشيخ عودة أبو تايه، ومبنى أول مدرسة في المنطقة في عشرينات القرن الماضي، ومدرسة أخرى تم بناؤها عام 1956 ، ومشيدًا بأهمية منطقة الجفر وبلديتها، والتاريخ والشهامة والنخوة وكرم الضيافة. الحضور جميعهم، كانوا متطلعين وبشغف، إلى أن تكون المكتبة وسواها من أعمال ثقافية مستقبلية نقطة إشعاع ثقافي؛ إذ كان طموح الوجهاء ووزير الثقافة عاليًا يوازي طموح الأهالي، في اللقاء الذي حضره من وزارة الثقافة مستشار وزير الثقافة حسين نشوان ومدير مكتب الوزير أحمد العون ومحمد العبادي رامز القطارنة، وتمّت فيه قراءة تحديات الأجيال وأهمية الحفاظ على هذا الإرث التاريخي من منظور ثقافي. مكتبة الجفر، كانت نافذةً لـ"مدار الساعة"، لزيارة محيطها، وأطلال ماضيها وحجارتها ونباتاتها الصامدة بصمود الأردنيين، والشاهدة على كل ذلك الحضور الكبير؛ فكانت إشارات مهمة لأن نبني على ما بنى الأوائل ونؤسس على ما أسسوا من قيم الوطنية والأصالة والاعتزاز بالحكم الهاشمي، وهو ما حمله الرواد والمتعلمون والشيوخ والوجهاء دائمًا على ثرى هذه الصحراء التي حملت اسم الأردن عاليًا في فترات مهمة من تاريخ الأردن. وبالرغم من حرارة الجوّ، فقد كانت حرارة الأنفاس والأنظار الطموحة أعلى، لتحقيق أعمال ثقافية في المستقبل؛ تحمل ذلك صور المواقع التاريخية التي تُروى للتاريخ والأجيال، ويتم البناء عليها، كآثار ومواقع قديمة دالة، يجب حمايتها وتأطيرها سياحيًّا وثقافيًّا؛ نظرًا للارتباط الوثيق بين السياحة والثقافة. وفي سجلّ الزوار، خطّ زير الثقافة مصطفى الرواشدة حول الزيارة، احترامه لهذه البلد "العزيزة على قلب كل أردنيّ، لما تحمله من معان سامية بتاريخها وعطاء رجالاتها للوطن". كما صرح الرواشدة للإعلاميين بأنّ "المكتبة" جُهزت بالأثاث والكتب، لكي توفّر لكل الأجيال المرجعيات الثقافية التي تغطي التاريخ والجغرافيا والرواية والقصة وقصص الأطفال وغيرها؛ متمنيًا أن تكون الزيارة القادمة للجفر تشهد تأسيس متحف للتراث الشعبي يحفظ ذاكرة المنطقة لأجيال الوطن.وفي جولة على معروضات وإصدارات المكتبة، نقرأ كتبًا في الخطاب السامي لصاحب الجلالة الهاشمي الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، والوثائق الهاشمية/ أوراق الملك المؤسس عبدالله الأول، كما نطالع كتبًا في أدب الأطفال، وكتبًا في تاريخ الأردن ونهضته وثورته العربية الكبرى، وشهدائه، وما كتب الرحالة الأجانب في زياراتهم إلى الأردن وبلاد شمال الجزيرة العربية.وزير الثقافة يدشّن مكتبة في الجفر ويزور معالمها التاريخية (صور)

مدار الساعة ـ