قراءة لاختيار ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله مدينة اربد ، لتكون المكان و الزمان اللذان تم فيه الاعلان عن عودة خدمة العلم ، لم يكن صدفة ، بل رسالة و دلالة وطنية سياسية عميقة كما عودنا الحسين في كل إطلالة له ، ذات يوم كتبت مقال عن الرسائل التي بعثها سموه في مقابلته مع قناة العربية تحت عنوان "ولي العهد رسائل الحاضر و المستقبل ".
المكان "اربد" ، هناك ام قيس ، كفر اسد ، سما الروسان ، قم ، صما ، كفر سحيمات، بني كنانة التي تحتضن ارث سليمان الروسان ، ناجي العزام ، مفلح كايد العبيدات ، ومكان إقامة اول مؤتمر وطني اردني مقاوم للمشروع الصهيوني التوسع 6/4/1920، ترجمة مخرجاته قولا و امتزجت دما و ارجوان قدمها العبيدات مع إخوة التراب الفلسطيني في معركة تل الثعالب ، رفضا و ردا على مشروع ذلك الكيان الوظيفي السرطاني الحرام . ذلك السرطان المستهدف للوجود و الحدود و المقدسات الإسلامية والمسيحية الحرم .أما الزمان جاء توقيته بعد تصريحات قادة الإحتلال تجاه الاردن بلهجة كلها صلافة و غرور عن التهديد لسيادة الدولة الأردنية و تصفية القضية الفلسطينية، فجاء الرد بإعلان وطني يحمل روح التحدي و يذكرهم بملحمة يوم الكرامة الخالدة 21/3/1968. اعلان استوجب الرد عليه بأعلان ، جوهره الكبرياء ، تعبيرا عن الاستعداد للتضحية و الدفاع عن ثرى هذا الحمى الاردني الطاهر ، لنعيد الكرة المرة تلو المرة . توعية المجتمع الأردني بطبيعة المشروع و أهدافه الاستراتيجية واجبة ، بالحديث أن المشروع لا يقتصر على الجانب العسكري فقط ، أنما الإيضاح بأنه:-برنامج وطني تعبوي ، توعوي شامل يهدف للاعداد البدني و الذهني ، للشباب الاردني .-ضبط و تهذيب السلوك الفردي-التهيئة لبناء مشروع فكر وطني منتمي للأرض و الهوية الأردنية ، يتبنى الدفاع عن قضايا الأمن الوطني السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية.-ترسخ قيم الانتماء و التضحية ، احياء روح العقيدة العسكرية ، اعتياد حمل اعباء الأمانة داخل مواقع المسؤولية.ما ذكر أعلاه يوضح أننا أمام مرحلة لتأسيس بنية تحتية تتعامل مع القرن الواحد والعشرين و علومها العسكرية، التي تطورت و تعددت أشكال جبهاتها، منها الاقتصادية ، النفسية, التكنولوجية ، إلى العبث بأنماط النسيج و السلوك المجتمعي الثقافية و الفكرية .مواكبتها له بالغ الأثر في التحضير لأرضية الدفاع عن الوطن ، للتصدي لاي خطر يهدده.الدولة الأردنية عبر تاريخها المئوي واجهت إخطار خارجية عدة و اجتازتها ، اولها الكيان الإسرائيلي ، الذي خضنا معه معارك، تشهد لها سجلات التاريخ شرف البطولة و الشجاعة والشهادة على أرض الاردن و فلسطين . التحديات و الصعوبات الداخلية لا تقل تهديدا و خطورة عن الخارجية ، أخطرها يتمثل في بعض الفئات التي تنظر إلى الدولة على أنها سلة مكتسبات ، تقوم بأستغلال مقدراته و ثرواته و تسخيرها لمصالحها الخاصة ، النتيجة أضعاف قدراته الاقتصادية، و أخرى فئات تمتهن عن جهالة حرفة بث الفرقة و المحاصصة لغايات وصاية لا مكان لها في دولة القانون ، والحداثة و المدنية و الديمقراطية التعددية.متلازمة الحماية و البناء عناوين بحاجة إلى الكثير من العمل لربطها معا باواصر الانتماء للهوية الوطنية و إثبات توفر شروط الأهلية المرتبطة بالمواطنة الفاعلة ، حيث الحقوق و الواجبات ، حيث تمنح العلامة الكاملة لها على الممارسة .معادلة الحماية و البناء في أي وطن لا تقتصر فقط على فكرة بناء القدرات و المهارات العسكرية ، بل مرهونة أيضا بالاجتهاد نحو ابتكار الحلول لبناء اقتصاد قوي ، عدالة اجتماعية تعمل على تقليص الفجوات بين الطبقات ، و وعي وطني يحمي المجتمع من العبث و آفة التفرقة و الفوضى المحصلة وحدات بناء مجتمعية قوية متماسكة ، غير قابلة للاختراق ، تعكس صورة المواطنة ، متضامنة قادرة على العطاء ، تكون على أهبة الاستعداد لمواجهة اي تهديد أو تحديات تحاول المساس بهذا الوطن ، و منجزاته هي مكتسبات تحقق لهم مفهوم الرفاه الاجتماعي والاقتصادي و الأمني .اعلان عودة خدمة العلم بأبعاده و رؤيته ، يكشف عن مشروع شامل متكامل يحمل فكر هادف لبناء جسد هوياتي أردني واحد معافى سليما ، منيعا يمنع اي أذى يراد اللحاق بالاردن .الوعي الفكري الثقافي جزء مهم في تشكيل الحصانة و المناعة المجتمعية ، من هنا تأتي أهمية إدماج الاناشيد الوطنية داخل مدارسنا و جامعاتنا كما في الشارع ، لرفع منسوب الروح المعنوية و الانتماء الحقيقي منذ الصغر ، بعيدا عن سطحية الشكليات ، حيث الوطنية ليست طقوسا موسمية بل هي ممارسة يومية راسخة .التذكير بأجيال تأسيس الدولة ، له دور كبير يساعد في تنشيط و إنشاء ذاكرة وطنية ، تستحضر النموذج و التجربة ، خاصة ممن تركوا بصمات الانجاز في استقرار و بناء دولة المؤسسات و الخدمات و الجيش و الأجهزة الأمنية . الكل فينا مسؤول حسب دوره الموكل له بإخلاص وأمانه .متلازمة الحماية و البناء عناوين ، لترجمتها تحتاج إلى العمل داخل إطار الشراكة و الاعتزاز بالهوية و صلابة الجبهة الداخلية و وحدتها .ختاما نقولها بثقة مع التأكيد على التكرار : الاردن القوي هو مصلحة وطنية و لأمته العربية، و ضمانة لدعم قضيته المركزية القضية الفلسطينية ، و عهدنا له أن يظل عزيزا كريما آمنا مطمئنا مستقرا.
العزة يكتب: بناء وحماية الأوطان.. دم وأرجوان
مدار الساعة ـ