أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مستثمرون جامعات مغاربيات خليجيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة الأسرة طقس اليوم

الأسئلة المؤجّلة


د. صلاح العبادي
صحفي أردني

الأسئلة المؤجّلة

د. صلاح العبادي
د. صلاح العبادي
صحفي أردني
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ

هل يمكن لمقترح سلام جديد أن يوقفُ حربًا تخطط إسرائيل لخوضها بثمانين ألف جندي داخل غزّة وبضوء أخضر أميركي؟!

ورقة جديدة سلّمت من قبل الوسطاء لحماس، والرئيس الاميركي دونالد ترامب يعلن أن لا عودة للرهائن إلا؛ بالقضاء على حماس وتدميرهم. في القاهرة تستمر الجهود مع ذلك..، لكن اللافت أن المطروح ليس اتفاقًا شاملًا، بل تهدئة مؤقتة.

الفصائل الفلسطينيّة قبلت وضغطت على حماس للقبول دون أي تحفظات، ومؤشرات تتحدث عن مرونة من جانبها.

لكنّ العقدة ليس في مدة الهدنة؛ بل في الأسئلة المؤجّلة المتعلقة في مصير السلاح ومصير الحركة نفسها.

نقاط من المستبعد أن تقتنع بها الحركة، على الجانب الآخر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يرفع السقف دون أي حدود، فهو يتحدث عن منطقة منزوعة السلاح في غزّة، ومن ثم سيطرة أمنيّة كاملة وغيرها من أفكار كان قد أعلن عنها. في وقت يجب أن لا نغفل عن حديثه حول إسرائيل الكبرى، وهي التي فجّرت موجة تنديد إقليميّة ودوليّة.

استفزازات تربطها القاهرة مباشرة بخطر التوسع وبهاجس التهجير الذي يهدد حدودها. وأمام استفزازات إسرائيل وكذلك استفزاز حماس، يجب أن لا نغفل بأن جماعة الإخوان المسلمين ومن خلف حماس يقودون حملات منظّمة تستهدفها. ومع ذلك مصر لم تتوقف عن لعب دور الوسيط، فمن معبر رفح قالها الاثنين الماضي وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي بوضوح: "لا تهجير ولا مشاريع إسرائيليّة وهميّة، والسلطة الوطنيّة الفلسطينيّة هي الممثل الشرعي الوحيد"، لكن هنا يبرز مأزق ما بعد الحرب؛ فإسرائيل لا تريد حماس ولا حتى السلطة، فمن سيحكم غزّة إذاً؟!

فنحن بين اتفاق مرحلي اليوم وخطاب توسعي، وهنا يكمن السؤال؛ هل نحن أمام اتفاق قابل للحل اليوم أم البحث عن استراحة محارب؟!

فأي فرصٍ للتوصلِ إلى تهدئة ونجاح الوساطة المصرية والقطرية؟!

فهل تنجح المفاوضات في وقت حماس تريد مفاوضات وإسرائيل لا تريد مفاوضات؛ بل ولا تريد مقاربات سياسيّة، وتريد مقاربة عسكريّة والحصول على صفقة واحدة بعيدًا عن المفاوضات؟

المقترح الذي قدّم قابل للنقاش؛ لأنّه يتحدث عن مفاوضات، بينما إسرائيل تريد صفقة شاملة بدفعة واحدة.

غزّة اليوم بين تراجع حماس عن مواقفها وخطّة القبضة الإسرائيليّة للسيطرة على القطاع.

حماس تبدو مستعدة بمرونة للوصول إلى صفقة، وسط تشدد نتنياهو؛ لجأ الإسرائيليون للشارع للضغط على حكومتهم لإبرام صفقة تبادل.

في غزّة تبدو تلوح بعض المرونة غير المباشرة بعد تراجع بعض المطالب التي شكّلت عقبة في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، ما يفتح نافذة لإحياء باب التفاوض، واستكشاف حلول محتملة قد تقود إلى وقف الحرب، في المقابل ترفع إسرائيل سقفها بكل وضوح رافضة أي تسوياتٍ جزئية.

إسرائيل تُصر على عدم الاهتمام بوقف إطلاق النار بشكل جزئي، في وقت تقبل التخلي عن خططها للسيطرة على مدينة غزّة في حال وافقت حماس على كل المطالب الإسرائيليّة لانهاء الحرب، والتي تشمل إطلاق سراح جميع الرهائن ونزع سلاح حماس.

المشهد في غزّة يقفُ عند مفترقِ طرق، بين خيار توسيع السيطرة العسكرية أو المضي قدمًا نحو صفقة، في وقت يدفع نتنياهو نحو احتلال مدينة غزّة بمشاركة عشرات الآلاف من الجنود، وسط إنقسامٍ داخلي لافت وأصوات تعارض فكرة الاحتلال.

ضغوطٌ سياسية وأخرى شعبية تتجسّد في مظاهرات واسعة في إسرائيل تطالب بإنهاء الحرب، وإبرام صفقة لإعادة الرهائن.

فهل تحمل الساعات المقبلة منعطفًا حاسمًا في القطاع؟

هيئة أركان الجيش الاسرائيلي أقرّت خطّة احتلال مدينة غزّة، هذا يأتي في وقت يتمسك نتنياهو بشروطه لإنهاء الحرب، ومنها نزعُ سلاح حماس، معتبرًا أنّ التظاهرات في إسرائيل تقوي موقف الحركة، وتؤخر إطلاق سراح الرهائن.

وتحضيرًا لاحتلال غزة وزير الدفاع الاسرائيلي يسرائيل كاتس نظر في خطّة تتضمن مشاركة ثمانين ألف جندي من ألوية قتاليّة بريّة؛ لتطويق مدينة غزّة واحتلالها.

خطّة الاحتلال حسب مزاعم إسرائيلية ستكبد حماس خسائر جسيمة، لكنّها في المقابل تنطوي على مخاطر جمّة بالنسبة للجيش الاسرائيلي.

أمّا على مسارات الصفقة فقد تسلّم وفد حركة حماس الموجود بالقاهرة برئاسة خليل الحيّة تسلّم مقترح جديد من الوسطاء بشأن التوصل لاتفاق وقف النار في قطاع غزّة.

وشهدت الأيام الماضية مفاوضات في القاهرة حرصت حركة المقاومة الإسلاميّة "حماس" على مشاركة كافة الفصائل فيها، بحيث يكون الموقف موحدًا ولا تُتهم بأنها أفشلت المفاوضات، وعرّضت سكان القطاع للتصعيد العسكري.

المقترح التي وافقت عليه حماس يستند إلى مقترح المبعوث الأميريكي الأخير ستيف ويتكوف الأخير، والذي ينص على هدنة لمدة الستين يومًا وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين على دفعتين، فيما لم تعلن إسرائيل موقفها حتى الآن.

ينص المقترح الجديد على تبادل 10 أسرى إسرائيليين أحياء و18 جثة مقابل 1700 أسير فلسطيني بينهم 45 من ذوي المؤبدات و15 من ذوي الأحكام العالية.

كما ينص المقترح على الإفراج عن 8 أسرى إسرائيليين أحياء مع بداية الهدنة التي ستستمر 60 يومًا يجري خلالها التفاوض على وقف شامل للحرب.

وسيتم الإفراج عن أسيرين آخرين في اليوم الـ50 من الهدنة، وبالمثل سيجري الإفراج عن جثث القتلى الإسرائيليين بشكل تدريجي.

ومن بين الأسرى الفلسطينيين الـ1700 المشمولين بالاتفاق المطروح 1500 من أسرى غزة الذين اعتقلهم الاحتلال بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ومن المقرر أن تنسحب قوات الاحتلال إلى مسافة ألف متر من الحدود مع القطاع وإلى مسافة 1200 متر من المناطق المأهولة بالسكان، حتى يجري إدخال المساعدات بالشكل اللازم لشمال القطاع وجنوبه.

وتمسّكت إسرائيل بالبقاء على مسافة 1200 متر في بعض المناطق مثل بيت حانون والشجاعية، وهو ما قبلته حماس لإنقاذ السكان مع عملية التجويع التي يتعرضون لها.

وتعهد الوسطاء بالعمل على عدم العودة للحرب في حال لم يتم التوافق على وقف الحرب خلال هدنة الشهرين المقترحة، دون أن ينص على هذا البند في الاتفاق.

مقترح المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف يكون اليوم قد عاد إلى الواجهة من جديد.

فهل غزّة أقرب لتوسيع الحرب أم للتهدئة؟

ولماذا مدينة غزة تحديداً؟

وهل تكون الخطّة الاسرائيليّة الجديدة البداية لتنفيذ خطّة التهجير ؟

تمثل مدينة غزّة الهدف الأكبر الذي ستركز عليه العملية العسكريّة الجديدة للجيش الإسرائيلي في قطاع غزّة.

ويواصل الجيش الإسرائيلي استعداداته للمرحلة التالية من الحرب، والتي ستركز على مدينة غزّة.

ولهذه المدينة أهمية بالغة باعتبارها مركز قطاع غزّة، وآخر معاقل حركة حماس.

وتقع المدينة في الجزء الشمالي الغربي من قطاع غزّة، على ساحل البحر الأبيض المتوسط.

وتعد غزّة أكبر مدن القطاع وتبلغ مساحتها 56 كيلومترًا مربعًا، وكان عدد سكانها قبل الحرب يبلغ حوالي 900 ألف نسمة.؛ أي أقل بقليل من عدد سكان القطاع المدمّر!.

وتعتبر المدينة المركز الإداري لمحافظة غزّة وتشغل الحيز الأكبر منها، وتضم عددًا من الأحياء والمناطق من أبرزها أحياء الرمال والشجاعية والتفاح والزيتون.

وتحيط بالمدينة من الشمال محافظة شمال غزّة التي تضم مدن جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون. وتحيط بها من الجنوب المحافظة الوسطى التي تضم مخيمي النصيرات والبريج ومدينة دير البلح.

الجيش الإسرائيلي يسعى، من خلال التركيز على مدينة غزّة، إلى إضعاف سيطرة حماس على ما تبقى من القطاع. لكنّ هذه المهمة تبدو محفوفة بالمخاطر وستكبد الجيش الإسرائيلي خسائر كبيرة لا بل فادحة.

وقالت صحيفة "إسرائيل هيوم"، الإثنين الماضي، إن التقديرات تشير إلى أنه من لحظة بدء العملية العسكريّة الجديدة "يمكن تحقيق السيطرة على المنطقة في غضون شهرين تقريبًا".

في إطار توجهها للسيطرة على غزّة واحتلالها؛ إسرائيل تعمق عملياتها العسكرية بالانتقال للمرحلة التالية من عربات جدعون، وتستعد لنقل الفلسطينيين من مناطق القتال في غزّة إلى جنوب القطاع.

رئيس الأركان الاسرائيلي إيال زامير وخلال جولة ميدانيّة في غزّة تحدث عن المرحلة التالية للحرب قائلًا:" بأنّها ليست عملية منفردة بل جزء من استراتيجيّة طويلة الأمد؛ بهدف القضاء على حماس"، حسب تعبيره، والحركة تصف خطط إسرائيل الجديدة لنقل سكان مدينة غزّة بأنّها موجة جديدة من الإبادة الوحشيّة، وعمليات التهجير الإجرامي لمئات الآلاف من السكان والنازحين إليها.

فهل تنجح إسرائيل بتنفيذ خطّتها للسيطرة على غزّة عبّر تعميق عمليتها العسكريّة وتهجير السكان؟

وهل السكان سيفضلون الذهاب إلى جنوب غزّة أم البقاء في المدينة؟

مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ