تسريب نوايا إسرائيل حول احتلال قطاع غزة بشكل مباشر وتسمية رجل الأعمال سمير حلليلة حاكماً للقطاع يفتح باباً واسعاً أمام تداعيات سياسية وأمنية إقليمية ودولية. هذا الطرح وإن بدا غير واقعي من الناحية العملية إلا أنه يعكس جملة من الرسائل الاستراتيجية التي تسعى حكومة الاحتلال إلى تمريرها في ظل حربها المستمرة على غزة، ومحاولاتها فرض معادلة جديدة على حساب الشرعية الفلسطينية.
أولاً: البعد الإسرائيليإسرائيل، من خلال الحديث عن إدارة مدنية أو اقتصادية بقيادة شخصية فلسطينية غير مرتبطة بحماس أو حتى بالسلطة الفلسطينية، تحاول:1. شرعنة وجودها العسكري في القطاع بذريعة الأمن.2. تصدير أزمة إدارتها لغزة إلى طرف محلي تُقدمه كـ"حل بديل" عن القوى الفلسطينية التقليدية.3. تقويض المشروع الوطني الفلسطيني عبر خلق قيادة بديلة تفتقر إلى الإجماع الشعبي والسياسي.ثانياً: الموقف المصريالقاهرة تنظر بخطورة إلى أي خطوة إسرائيلية ترمي إلى إعادة احتلال غزة، إذ ترى في ذلك تهديداً مباشراً لأمنها القومي على حدودها الشرقية، كما أن فرض "حاكم اقتصادي" من خارج الشرعية الفلسطينية يمس بدور مصر التاريخي كوسيط رئيسي في الملف الفلسطيني. ولذلك فإن الدبلوماسية المصرية تستنفر لإجهاض مثل هذه المشاريع، معتمدة على أوراق ضغط إقليمية ودولية، أبرزها دورها المحوري في ملفات التهدئة وإعادة الإعمار.ثالثاً: موقف السلطة الفلسطينيةالسلطة في رام الله تعتبر هذه الطروحات نسفاً مباشراً للشرعية الوطنية التي تمثلها منظمة التحرير، وخطوة تتجاوز كل الاتفاقيات الدولية التي أقرت أن غزة والضفة والقدس الشرقية أرض فلسطينية محتلة. وبالتالي فإن أي ترتيبات تفرضها إسرائيل من طرف واحد ستواجه رفضاً سياسياً ودبلوماسياً واسعاً.رابعاً: البعد الدوليإمكانية دخول غزة بقرار دولي، سواء عبر قوات حفظ سلام أو إدارة انتقالية، تبقى محل جدل كبير. الغرب يواجه مأزقاً بين دعم إسرائيل وبين ضغط الرأي العام الدولي الذي يرفض العودة إلى سياسة الاحتلال المباشر. في المقابل، هناك تحركات عربية وإسلامية في الأمم المتحدة تطالب بإشراف دولي على إعادة إعمار غزة بعيداً عن أي وصاية إسرائيلية. القراءة المستقبليةالسيناريو الأول: نجاح إسرائيل في فرض واقع عسكري جديد مؤقت، مع البحث عن "واجهة فلسطينية" شكلية، وهو سيناريو محفوف بالفشل الشعبي.السيناريو الثاني: تدخل إقليمي ودولي يقود إلى صيغة إدارة انتقالية تحت إشراف الأمم المتحدة، وهو خيار قد يلقى قبولاً نسبياً.السيناريو الثالث: فشل الطرح الإسرائيلي تحت ضغط المقاومة، وعودة الملف إلى المفاوضات السياسية التقليدية التي ترعاها القاهرة.إعلان إسرائيل نيتها احتلال غزة وتسويق شخصية مثل سمير حلليلة كـ"حاكم اقتصادي" ليس سوى مناورة سياسية تهدف إلى جس نبض الأطراف المعنية، لكنه في الوقت ذاته يعكس أزمة حقيقية في رؤية تل أبيب لمستقبل القطاع. أما على المستوى العملي، فإن رفض مصر والسلطة الفلسطينية وأطراف دولية لمثل هذا الطرح يجعل فرص تطبيقه ضعيفة، وإن كان يشير بوضوح إلى أن غزة ستبقى محور تجاذب استراتيجي يحدد ملامح المرحلة المقبلة في الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.
العدوان يكتب: إعلان إسرائيل نيتها احتلال غزة وتعيين 'حاكم' يثير استنفاراً دبلوماسياً
الدكتور علي فواز العدوان
العدوان يكتب: إعلان إسرائيل نيتها احتلال غزة وتعيين 'حاكم' يثير استنفاراً دبلوماسياً
مدار الساعة ـ