مع إعلان الحكومة الأردنية عن عودة خدمة العلم، عاد النقاش الشعبي ليطفو إلى السطح: هل يستطيع جيل اليوم، الذي نشأ في بيئة رقمية مفتوحة وسريعة الإيقاع، أن يتكيف مع متطلبات الخدمة العسكرية المبنية على الانضباط والالتزام؟
جيل الثمانينيات والتسعينيات كان يرى في خدمة العلم مدرسة للرجولة وتحمل المسؤولية، حيث كانت الحياة أبطأ، والخيارات محدودة، والمسؤوليات الجماعية أوضح. أما اليوم، فقد كبر شباب يعيشون في عالم تحكمه السرعة والتكنولوجيا، حيث القرار يُتخذ خلال ثوانٍ والمعلومة متاحة بضغطة زر. هذا الاختلاف الجوهري يثير التساؤل: كيف سيتقبل شباب اعتادوا على حرية الحركة والاختيار تجربة عسكرية صارمة؟ البعض يرى أن إعادة خدمة العلم قد تواجه عزوفًا أو صعوبة في الاندماج، خاصة أن الجيل الحالي ينظر إلى وقته كقيمة شخصية مرتبطة بالعمل الحر أو الطموحات الرقمية. ومع ذلك، ثمة من يعتبر أن الخدمة يمكن أن تتحول إلى فرصة ذهبية لتقليص البطالة، عبر ربطها بالتدريب المهني والتقني الذي يحتاجه سوق العمل الأردني.فالانضباط ليس عائقًا، بل قاعدة أساسية لأي نجاح، وإذا استطاعت خدمة العلم أن توازن بين الجانب العسكري والتأهيل المهني، فإنها قد تعيد رسم صورة جديدة للشباب الأردني. الجانب الأهم في عودة الخدمة لا يتوقف عند التدريب العسكري فقط، بل يمتد إلى ترسيخ الهوية الوطنية والانتماء. في زمن تتسع فيه الفجوة بين الفرد ومجتمعه، وتزداد فيه الضغوط الاقتصادية، تصبح الحاجة ملحة لبرامج تعيد للشباب ثقتهم بأنفسهم ووطنهم. خدمة العلم، إذا صُممت بما يلبي طموحات هذا الجيل، قد تساهم في خلق جيل أكثر التزامًا وأكثر وعيًا بمسؤوليته تجاه بلده.يبقى السؤال معلقًا: هل سيستطيع جيل التكنولوجيا، الذي تعود على الوتيرة السريعة والمرونة المطلقة، أن يتأقلم مع إيقاع الخدمة العسكرية الصارم؟ الجواب يعتمد على كيفية تنفيذ البرنامج وتطويره. فإذا كان مجرد استعادة لنسخة قديمة، قد يصطدم بتحديات كثيرة. أما إذا كان مشروعًا وطنيًا عصريًا يدمج بين الانضباط العسكري والتأهيل المهني والتقني، فإنه قد يشكل محطة فاصلة تعيد للشباب الأردني الثقة والجاهزية لمستقبل أكثر استقرارًا.
الديري تكتب: بعد عودة خدمة العلم.. هل يستطيع جيل التكنولوجيا مواكبة الانضباط العسكري؟
مدار الساعة ـ