أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة جامعات دين مغاربيات خليجيات اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة الأسرة طقس اليوم

الزريقات تكتب: خدمة العلم.. خطوة وطنية ورؤية عملية لبناء جيل جديد


د. يارا زيد الزريقات

الزريقات تكتب: خدمة العلم.. خطوة وطنية ورؤية عملية لبناء جيل جديد

مدار الساعة ـ

أعلن سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني عن قرار عودة خدمة العلم في الأردن، في خطوة تاريخية لاقت ترحيباً واسعاً من مختلف فئات المجتمع الأردني؛ جاء هذا الإعلان ليعيد إلى الواجهة رمزية الجيش العربي بوصفه ركيزة وطنية ومصدراً للأمان، ويؤكد أن الانتماء ليس مجرد شعار، بل ممارسة حيّة تتجسد في ميادين الخدمة والتضحية.

وكما قال سموه؛ «أنا أرى أن إعادة خدمة العلم ضرورة؛ ليكون الجيل الجديد منضبطاً ومرتبطاً بأرضه.» ؛ هذه العودة ليست مجرد إجراء إداري، بل لحظة وطنية تعكس عمق الثقة الشعبية بالمؤسسة العسكرية وتجدد العلاقة التاريخية بين الأردنيين وجيشهم؛ لقد كان الإرتياح الشعبي بهذا القرار تعبيراً صادقاً عن أن الجيش بالنسبة لهم ليس مجرد قوة دفاع، بل مدرسة قيمية وحضارية تشكل ملامح الهوية الأردنية.

لكن البعد الوطني والوجداني، على أهميته، لا يلغي الحاجة إلى رؤية عملية وواعية للتنفيذ؛ فالتجربة العسكرية ليست فقط تدريبات ورمايات، بل يجب أن تتحول إلى محطة لصقل الشخصية، وتنمية المهارات، وتعزيز القدرة على مواجهة تحديات الحياة وسوق العمل؛ ومن هنا، فإن ربط خدمة العلم ببرامج تدريب مهني وتقني، وإدماجها مع مبادرات تعليمية حديثة، سيجعلها قيمة مضافة للشباب والمجتمع والاقتصاد الوطني.

كما أن الحفاظ على هيبة المؤسسة العسكرية يجب أن يترافق مع مراعاة البعد الاجتماعي، عبر ضمان العدالة في فرص التجنيد، وحماية حقوق المُجّندين، وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي لهم، وعدم تحميل الأسر أعباء مالية إضافية؛ نجاح القرار يتوقف على التطبيق المنضبط والشفّاف، بحيث يشعر الشباب أن زمن خدمتهم ليس وقتاً مقتطعاً من حياتهم، بل استثمار حقيقي في مستقبلهم.

إن عودة خدمة العلم في الأردن ليست مجرد استدعاء لتجربة ماضية، بل خطوة استراتيجية لصناعة مستقبل يقوم على بناء الإنسان قبل أي اعتبار آخر؛ وإذا ما أُحسن تطبيقها، فإنها ستثمر جيلاً منتمياً، منضبطاً، مجهزاً بمهارات الحياة والعمل، يجسد روح الجيش وقيمه، ويحمل مشروع الوطن نحو مزيد من القوة والتجديد.

إنها لحظة وطنية بامتياز، تحمل في طياتها رسالة انتماء وفخر، لكنها أيضاً اختبار عملي لمدى قدرة الدولة على تحويل الحلم إلى إنجاز؛ الرهان اليوم على الشباب، وعلى شراكة مدنية–عسكرية تجعل من خدمة العلم جسراً حقيقياً بين الفكرة الوطنية والواقع الملموس.

مدار الساعة ـ