مدار الساعة - كتب سيف القصير - تظل قضية طلبة "المقبول" واحدة من أكثر الملفات حساسية في التعليم العالي الأردني، فهي تمثل فئة من الخريجين الذين أكملوا دراستهم الجامعية بجهد واجتهاد، رغم تحدياتهم وظروفهم الشخصية، ومع ذلك يجدون أنفسهم محرومين من متابعة تعليمهم العالي، ومن ممارسة المهن الأكاديمية التي تؤهلهم لها شهاداتهم. هذه الفئة، التي استثمرت سنوات من الجهد والتعلم، تُحرم من التدريس الجامعي، ومن التقدم لاختبارات القضاء الشرعي أو الإفتاء، وكأن مؤهلاتها العلمية لم تعد صالحة للاستخدام بعد التخرج، ما يضعهم في مواجهة مباشرة مع واقع ظالم لا يعكس العدالة الأكاديمية.
المنطق هنا متناقض بشكل صارخ، فالجامعة تمنح الشهادة بعد تقييم الطلبة أكاديميًا وبحثيًا، حتى لو كان معدلهم "مقبول"، وهذا يعني أنهم أكملوا متطلبات الدراسة واجتازوا الامتحانات وقدموا مشاريع أو أبحاثًا تثبت كفاءتهم. ومع ذلك، يجد هؤلاء الخريجون أنفسهم ممنوعين من ممارسة حياتهم المهنية أو العلمية، وهو ما يشكل إحباطًا معنويًا ويقلل من قيمة الجهد الأكاديمي الذي بذلوه.تأثير هذا الواقع على الطلبة عميق، فهو يحرمهم من متابعة التعليم العالي، ويحد من فرصهم في التدريس ونقل المعرفة، ويمنعهم من الانخراط في الوظائف التي كانوا مؤهلين لها. كما أنه يرسل رسالة سلبية مفادها أن الإنجاز الأكاديمي لا يساوي شيئًا إذا لم يتحقق معدل معين، متجاهلاً قدرات الطالب العملية وكفاءته الفعلية.إننا نناشد وزارة التعليم العالي وكافة مؤسسات الدولة الأردنية إعادة النظر في هذا الظلم ووضع آليات عادلة تمنح الطلبة فرصة لإثبات كفاءتهم عبر برامج انتقالية أو امتحانات تقييمية، وتتيح لهم متابعة التعليم العالي، والتدريس الأكاديمي، والتقدم لاختبارات القضاء الشرعي والإفتاء، على أساس الكفاءة الفعلية وليس المعدل الجامعي فقط. العدالة الأكاديمية ليست شعارًا بل مسؤولية وطنية، ويجب أن تعكس السياسات التعليمية قيم المساواة والإنصاف لجميع الطلبة.إنصاف طلبة "المقبول" واجب وطني وأكاديمي. فالمعدل وحده لا يمكن أن يكون حاجزًا يمنع الطالب من استكمال مسيرته العلمية أو ممارسة مهاراته المهنية . ومن دون تصحيح هذا الواقع، ستظل عشرات الفرص التعليمية والمهنية مغلقة أمام فئة واسعة من الخريجين الذين يستحقون فرصة عادلة لإثبات كفاءتهم وخدمة مجتمعهم، وهو أمر يستدعي تدخل الدولة فورًا لتصحيح هذا الظلم قبل أن يتحول إلى أزمة حقيقية في قطاع التعليم العالي والمهن الأكاديمية والدينية في الأردن.القصير يكتب: المقبول.. ظلم مستمر وخنق للمستقبل!

مدار الساعة ـ