أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة جامعات خليجيات دين مغاربيات اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة الأسرة طقس اليوم

ماذا يخططون للأردن عبر جنوب سورية؟


ماهر ابو طير

ماذا يخططون للأردن عبر جنوب سورية؟

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ

لم يعد إلا 137 ألف شقيق سوري من الذين يقيمون في الأردن إلى سورية، والذين كانوا يراهنون على انتهاء الفصل الثاني من المدارس كسبب لعودتهم اكتشفوا أن المراهنة لم تكن دقيقة.

الموانع في وجه عودة السوريين أخطر بكثير من هكذا تواقيت، فهناك حسابات النجاة التي تتفوق على كل الحسابات الثانية.

الأردن الأكثر تضررا مما يجري في السويداء ومناطق جنوب سورية، لأن الأردن لا يريد أن تتأسس دويلات جديدة على أساس قومي أو مذهبي أو ديني، بحواضن إسرائيلية، خصوصا، ان هذا يعني خسارة الأردن لحدوده مع سورية، ونشوء دويلات ومعابر وحدود قد تعترف بها واشنطن أولا لتثبيتها، إضافة إلى خطر السطو على كل الأرض جنوب سورية، ومناطقها، والأحواض المائية التي سيتحكم بها الإسرائيليون، في ظل حاجة الأردن لها بشكل يومي.

خيارات الأردن هنا معقدة، فهو يعرف أن هناك محاولات لاستدراجه إلى أفخاخ الجنوب السوري، إنسانيا وعسكريا وأمنيا، أو تصدير أزمات الجنوب السوري إلى الأردن أمنيا وعسكريا واجتماعيا، ومصلحة الأردن هنا استقرار الوضع في الداخل السوري، ووصول السوريين إلى تفاهمات تحقن دماء الأبرياء أولا.

لكن هذه الحسابات السياسية، لا تجدها بذات الطريقة لدى السوري العادي، الذي يعيش في الأردن ويريد استقرار بلاده، لكنه غير مستعد للمغامرة بحياة أفراد عائلته، والعودة إلى أي منطقة في الجنوب السوري، وهي مناطق مهددة باحتلال إسرائيلي كامل، أو تغير الهويات الديموغرافية الجمعية في سياقات تفكيك سورية، وصناعة دويلات جديدة، تكون سيوفا مطعونة في خواصرنا.

الاقتتال الداخلي على خلفيات مذهبية وقبلية سيمنع السوري من العودة، وهو يستشعر امتداد هذا الخطر إلى كل مناطق سورية سواء شرق سورية حيث الأكراد، أو حتى مناطق العلويين في اللاذقية وغيرها، ثم تأتي المخاوف من الثورة على النظام السوري الحالي بتصنيع ثورة مضادة من قوى داخلية وإقليمية ودولية وربما من قوى النظام ذاته، حيث هناك صراعات وانقسامات وتباينات.

الخلاصة تقول انه مع الأزمة الاقتصادية، فإن خيار العودة يصبح مؤجلا حتى إشعار آخر وهذا أمر كان متوقعا لمن يراقبون جيدا.

الذي لا يقال علنا أن الأردن يتوجس اليوم مما يخطط ضده عبر الجنوب السوري من خلال هجرات جديدة أصلا، ولم يعد لديه ترف انتظار عودة السوريين المقيمين في الأردن، خصوصا، مع التطورات في السويداء ودرعا، وما هو متوقع خلال الفترة المقبلة، وهي ظروف قد تؤدي إلى نشوء هجرات جديدة، وهذا يفسر أن الأردن يحاول بكل الطرق إطفاء النار في مواقد جنوب سورية، لكنه يعرف انه ليس اللاعب الوحيد، فهناك أطراف لها اجنداتها.

ووراء هذا الكلام حسابات اكثر حساسية، تقول إن إسرائيل ذاتها ستحاول خلال الفترة المقبلة شبك ساحات جنوب سورية بالأردن من خلال إيجاد فوضى عارمة، بهدف نقل الأزمات الأمنية إلى الأردن، وخلخلته بكل الطرق، في ظل حزام ممتد على طول حدود الأردن تتحالف فيه دون توقيع بالأحرف الأولى، الأزمات الإنسانية، مع مخاطر المخدرات والسلاح، ووجود تنظيمات مثل داعش، وبقايا تنظيمات إيرانية، مع احتمالات توظيف مظلوميات بعض السوريين، لإحداث فوضى كبيرة يتم تصديرها إلى الأردن المستهدف إستراتيجيا في مخطط مواز لإسقاطه، بما يفسر حالة التشدد على الحدود، وتنبه السلطات الرسمية أيضا إلى كل شيء في الجوار، وقراءة ما خلفه من دوافع، وتأثيراته النهائية على الأردن.

نسميه الجنوب السوري، وإسرائيل تريده الجنوب الإسرائيلي، لحسابات كثيرة معقدة، وبينهما يتوجب التنبه جيدا للأردن.

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ