عودة "خدمة العلم" خطوة في مكانها، وتتعاظم أهميتها إذا جاءت في سياق استراتيجية وطنية شاملة تعالج الخلل في البنى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية.
تُفهم هذه العودة بوصفها تعبيرًا دقيقًا ومهمًا عن استيعاب وتقدير الأخطار، والحاجة إلى بناء أجيال مرتبطة بهويتها ووطنها بعد تغريب ضارّ استمر سنوات طويلة.وبغض النظر عمّا إذا جاءت الخطوة متأخرة أو في وقتها، فإن معناها السياسي على درجة عالية من القيمة والأهمية، لكن هذا المعنى وحده لا يكفي لتجاوز الأخطار الماثلة. فالأخطار المتراكمة والمتسارعة بفعل نيات العدو الصهيوني لن تنتظر "خدمة العلم"، إذ إن هذا مشروع يحتاج إلى وقت ليصبح فعّالًا، مما يفرض وجود خطط فورية للاشتباك مع هذه الأخطار.ولكي تتعزز أهمية إعادة "خدمة العلم" وتأخذ وزنها الطبيعي، لا بد من ربطها بإجراءات إضافية مكملة في البناء الاستراتيجي للمواجهة طويلة المدى، ومن ذلك:أولًا: إيجاد بدائل جذرية للغاز والمياه المستوردة من الكيان، فالارتهان في هذين الأمرين للعدو خطأ استراتيجي سيوظفه لإضعاف الداخل وإرباكه.ثانيًا: معالجة الإشكاليات السياسية الداخلية عبر تسويات تضع الوطن فوق كل خلاف واختلاف؛ فهذا وقت توحيد الصف الوطني وتقويته لمواجهة أخطار وجودية حقيقية.ثالثًا: البدء بإجراءات علنية لمحاربة الفساد بكل أشكاله، فمجرد الشروع في ذلك بشفافية وجدية يمنح الشارع الاطمئنان الكافي بأن مسار الإصلاح الاقتصادي يمضي في طريقه الصحيح.رابعًا: دعم الجيش والأجهزة الأمنية وتمكينهما ليكونا حاضرين عند الحاجة. وليس هناك أي خطأ في استلهام الدروس والعبر من المواجهات التي خاضها الكيان مع مقاومة غزة ولبنان واليمن وحتى إيران؛ فهذا كفيل بتحديد نقاط قوة العدو وضعفه، وكذلك نقاط قوتنا لتعظيمها وضعفنا لتلافيها.خامسًا: الاستعانة برجال دولة على سوية عالية من الكفاءة والقدرة على صناعة القرار واتخاذه؛ لأن الاعتماد على مسؤولين بعقلية موظفين ستكون نتائجه وبالًا.سادسًا: تبنّي استراتيجية إعلامية جديدة تقوم على خطاب منسق ومحكم، وأدوات ومشغّلين على مستوى عالٍ من المهارات والقدرات؛ إذ ثبت فشل المنظومة الإعلامية الحالية وفقدانها التأثير بسبب غياب الإرادة في بناء إعلام وطني يعمل بحرية ومهنية وحرفية.سابعًا: العمل مع العرب والغرب لردع العدو ومنعه من التقدم في مخططاته، مع ضرورة عدم توهّم مواقف عربية وغربية على مقاس ما نريد. ومع ذلك، لا بد من العمل معهم مع إبقاء الحقيقة في أذهاننا أننا وحدنا في مواجهة التهديد الوجودي، وأن ظهرنا مكشوف عربيًا وإسلاميًا.ثامنًا: وكما قلنا مرارًا، لا يجب أن نحب المقاومة أو نتغزّل بها، لكنها اليوم حائط الصد الأول في الدفاع عن أمننا القومي الخاص وعن الأمن القومي العربي العام. فما الضير في الاستثمار بالمقاومة لكسر العدو وتحجيمه؟هذه بعض الأمور التي من الضروري أخذها بالاعتبار عند بناء استراتيجية وطنية لمواجهة الأخطار، وصولًا إلى خطوات متكاملة تُنتج القوة والمنعة الأساسيتين للاشتباك مع العدو سياسيًا وعسكريًا وأمنيًا.
السعايدة يكتب: 'خدمة العلم' تستدعي وضع استراتيجية شاملة
راكان السعايدة
نقيب الصحفيين الأردنيين السابق
السعايدة يكتب: 'خدمة العلم' تستدعي وضع استراتيجية شاملة

راكان السعايدة
نقيب الصحفيين الأردنيين السابق
نقيب الصحفيين الأردنيين السابق
مدار الساعة ـ