وسط أحمال كهربائية قياسية تجاوزت 4810 ميغاواط، وقف الأردن كما عادته بوجه التحديات صامدا، دون انقطاع للتيار أو المياه، بالرغم من محدودية الموارد وغياب الغاز والوقود المولد، هذا الصمود لم يكن محض صدفة، بل نتيجة تخطيط دقيق، وتكاتف مؤسساتي، ووعي مجتمعي، ودليل حيّ على أننا دولة راسخة وقوية، فما رسالة المرتفع الجوي للأردنيين؟
في الأيام التي شهدت ارتفاعا غير مسبوق في درجات الحرارة، واجهت الشبكة الكهربائية ضغطًا هائلًا لم تعرفه من قبل، نتيجة الزيادة الكبيرة في استخدام أجهزة التبريد والتكييف، ما دفع بالأحمال إلى تسجيل أرقام غير مسبوقة، وهذا الوضع كان ينذر بحدوث انقطاعات متكررة وتوقف خدمات أساسية مثل المياه، خاصة في ظل اعتماد الأردن على استيراد الوقود والغاز لتوليد الطاقة محليا.لكن، وكما في كل مرة، استطاع الأردن تجاوز هذا التحدي ، كما تجاوز غيره من التحديات التي واجهها غير العقود الماضية، بفضل التخطيط الحكومي المحكم، والإدارة الذكية، وخاصة من قبل وزارة الطاقة وهيئة الطاقة وشركات الكهرباء كما شركة الكهرباء الأردنية التي بذلت جهودا جبارة وحصافة في إدارة التحدي، وعملت على توزيع الأحمال وضبط الشبكة بشكل فاعل لمنع حدوث أي انقطاعات.هذا النجاح لم يكن ليُسجَّل لولا التنسيق العالي بين الجهات الرسمية، إضافة إلى الجهود الفنية المستمرة، وحملات التوعية التي استجابت لها الأسر والمؤسسات بترشيد استهلاك الكهرباء ضمن المتاح والممكن.ولا يمكن إغفال الدور الكبير الذي لعبه وعي المواطن في دعم جهود الدولة، فاستجابة الناس لدعوات الترشيد كان لها أثر مباشر في تقليل الضغط على الشبكة، ومنع الأعطال والانقطاعات، والحفاظ على الاستقرار الكهربائي في وقت حرج.تجربة المرتفع الجوي، وسابقاتها من تحديات مثل انقطاع الغاز المصري، وجائحة كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية، والعدوان على غزة، كلها أثبتت أن قدرة الدولة على الصمود لا تُقاس فقط بحجم مواردها، بل بكفاءة إدارتها، وتماسك مؤسساتها، وتكافل شعبها.خلاصة القول: يبقى الأردن نموذجًا يُحتذى به في الصمود والتحدي. وقد أثبتت هذه الأزمة مرة أخرى أن قوة الدول لا تُقاس فقط بما تملك من ثروات، بل بما تملك من وعي وإرادة وكفاءة. إنها رسالة واضحة للعالم أن الأردن، رغم كل التحديات، قادر على الوقوف في وجه العواصف، والخروج منها أقوى.
4810 ميغاواط ..ولم ينطفئ النور
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ